كل عام وأنتم بخير، اليوم عيدنا الأكبر أعاده الله على الأمتين العربية والإسلامية وهما أفضل حالا وأكثر أمانا وعزة وسؤددا، وتقبل الله ممن حج بالأمس أو صام وليهنأ بحصول القبول بإذن الله وليفرح ببهجة العيد محسنا الظن بالقبول من الله سبحانه القائل على لسان نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: عبدي وما ظن بي. هكذا تمضي بنا الأيام المباركة وتحفنا مواسم الخير نزرع ونحصد فيها ثمار ما نعمل، هنا وفي حياتنا الدنيا قبل الآخرة، تأتينا بشائر القبول ونفحات الرحمة وننعم بطمأنينة القلب وسكون الروح، فمن رمضان، بل منذ بدء الأشهر الحرم ونحن نتزود من محطات الإيمان هذه المنتشرة على طريق حياتنا في مشوار العمر التي جعلها المولى سبحانه واحات ظل نستجير فيها برحمته سبحانه من هجير الحياة لمواصلة الركض ومواصلة مشوار الحياة من جديد بقلوب تتم صيانتها وإعادة صياغتها في محطات الراحة هذه. اليوم عيد لمن حج واعتمر ولمن صام يوما لم تشرق الشمس على أفضل منه يكفر عن آثام السنة الماضية ويمحي ذنوب سنة قادمة، ليستقر الفؤاد مطمئنا بعد الفوز بتجارة لن تبور، تتضاعف فيها الفوائد عشرا بعد عشر فنبدأ مجددا معافين سليمين تكاد تقفز قلوبنا بهجة وحبورا بعد أن قذفنا خلفنا آثاما والآما ظلت تؤرقنا طوال العام والسنين الخوالي. فترى المسلم بعد كل موسم حصاد يمشي خفيفا من ذنوبه معافى من آثامه وكأنه حاز خير الدنيا وما فيها. اليوم عيد وغد أمر جديد فيه الخير ينتظر على باب كل مسلم، يدعوه للتمسك بمكاسبه ومواصلة طريقه، طريق المتاجرة مع الله، واستغلال مواسم خيره للتزود وخير الزاد التقوى. والتقوى حلية غير باهظة الثمن، التقوى لباس الفقراء والأغنياء، فيها الناس سواسية، التقوى ليست مقدار ما تنفق من مال أو تتصدق من حسنات، بل هي بكل بساطة ممكنة ما تبذل من جهد لإرضاء الله والإحسان إلى خلقه من إنسان أو حيوان أو نبات، ولأن مكانها القلب فلا يعلم بها إلا عالم الأسرار وما تخفي الصدور. نسألك اللهم ببركة أيامك الطاهرة هذه أن تبارك لنا جميع أيامنا، وأن تتقبل منا جميعا، ونعوذ بك اللهم من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعوة لا يستجاب لها.