مهرجان للأفلام السعودية في الدمام، مهرجان الفيلم السعودي، وعروض وإنتاج ونقاد وإعلام يتناولها، لكن لا مشاهدين لها. بالأمس وصلني خبر إطلاق العرض الدعائي للفيلم الكارتوني «بلال» الذي يتحدث عن قصة الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه. منتجو الفيلم مجموعة شباب سعوديون استغرقهم العمل عليه سنوات طويلة في إعداد السيناريو، وثلاث سنوات للتنفيذ، والتنفيذ تم في برنامج خاص بهم، إذ إن البرامج الإلكترونية السينمائية التي تنفذ من خلالها أفلام الرسوم المتحركة تكاد تكون حكراً على الشركتين الأشهر في هذا المجال، وهما « ديزني بكسار» و«دريمرز وورك». عندما عرض الشباب السعوديون السيناريو على المنتجين انبهروا، وشككوا في قدرة الشباب على إنتاجه، وطلبوا منهم إنتاج مقطع صغير منه، وفعلاً أنتج الشباب المقطع المطلوب، وأرسلوه لشركة «دريمرز وورك»، وكان ممن رأى المقطع الممثل الشهير «ويل سميث» الذي قرر على الفور التعاون مع الشباب لإنتاج الفيلم. وبحسب الرسالة التي وصلتني فوجئ الشباب بطلب أحد مؤسسي الشركة الأميركية رؤيتهم، وتوقعوا أنه سيعرض عليهم الشراكة أو الاستحواذ على شركتهم كعادة الشركات الأميركية مع الشركات الصغيرة، وتم اللقاء في دبي ليكتشف شبابنا أن الهدف من اللقاء كان بسبب شكه في أنهم استخدموا إحدى برامج شركته لإنتاج المقطع، وبعد نقاش اقتنع أنهم استخدموا برامجهم الخاصة. الفيلم منتج باللغة الإنكليزية، وسيتم لاحقاً ترجمته للعربية، لأن الفئة المستهدفة هم المجتمعات الغربية لإيصال المعاني، والمقاصد النبيلة التي تمتلئ بها قصة الصحابي بلال بن براح، والتي من خلالها ستصل معاني راقية عن الإسلام. لن أحكم على الفيلم قبل مشاهدته في دبي أو المنامة أو أي دار سينما سيأخذني السفر إليها، وكذا الأفلام السعودية التي ستفوز في المهرجانات، لكني أكاد أجزم أن شباباً مسلمين موهوبين ينتجون عن صحابي جليل لابد أن يكون عملهم نابعاً من القلب، وسيتم إعمال العقل فيه ملياً. حسناً إذاً، فالسينما مثل التلفزيون يمكن استغلالها بشكل حسن، كما يمكن استغلالها بشكل يضر بالقيم الاجتماعية، أو العادات الاقتصادية أو أي من مناحي الحياة، وها هي بتنوع الإنتاج يمكن أن تكون إحدى وسائل الدعوة، والدعوة ليست محصورة على دعوة غير المسلمين للنظر في محاسن الإسلام وأخلاق المسلمين، لكنها أيضاً يمكن أن تكون لدعوة المسلمين عبر العمل المتقن المحترف للكثير من المثل الأخلاقية العليا، وللجميل المباح من مباهج الحياة، ولتسليط الضوء على التاريخ، والقضايا المعاصرة التي تهم حياة الإنسان. ندخل في كثير من مدن الألعاب ما يسمى سينما، وفيها كما يعرف الجميع يتم اصطحاب الأطفال لرؤية شاشة عملاقة تقدم أفلام المحاكاة أو «السيميوليشن» لرحلات جوية، أو مغامرات على قطار وسباق قوارب، وهي للحق متلفة للأعصاب، ومزعجة -ربما لرجل في العقد الرابع مثلي-، فأتساءل: ماذا لو كان فيلم الرسوم المتحركة «بلال» هو ما يعرض على هذه العائلات في نفس المكان؟ أليست هذه هي السينما بكل بساطة؟ mohamdalyami@