من يعرف الظروف الحقيقية التي فيها معتصمو رابعة العدوية يرثي أولا لسكان المنطقة الذين يعيشون في حصار منذ أسبوعين تهب عليهم روائح الحياة التي يعيشها المعتصمون الذين لا يقل عددهم عن عشرة آلاف مواطن ليس متاحا لهم الإستحمام في هذا الحر مما تعرض معه كثيرون لأمراض جلدية ومعوية إلي جانب مشاكل قضاء الحاجة واحتمالات ما تثيره من أوبئة بالغة الخطورة مما يؤكد ما توصل إليه كبار المفكرين والمخترعين من أن أهم اختراع عرفته البشرية هو التواليت ونظام الصرف الصحي الذي حمي الملايين في كل العالم من الأمراض. المعتصمون في رابعه لا يسمحون إلا لبعض المراسلين الاجانب باللقاء مع أشخاص مختارين من المعتصمين. وبصورة عامة يعيشون في عزلة تامة فلا إعلام سوي الإذاعة الداخلية التي تقدم لهم الأناشيد والبيانات التي يتم بها غسل أدمغتهم والتي توهمهم أن تسعين في المئة من شعب مصر يؤيد الرئيس مرسي, وأنهم في انتظار لحظة الصفر التي سيعلن عنها لتتحرك جحافل المؤيدين لحمل الرئيس مرسي والعودة به إلي القصر ليواصل رئاسته. ونتيجة لذلك تم وضع المعتصمين في رابعة العدوية ـ وجميعهم مسجلون بالإسم في سجلات الجماعة ـ تحت الإقامة الجبرية بعد أن تم سحب بطاقاتهم من القيادات المشرفة. وعندما أبدت بعض السيدات الرغبة في أول رمضان العودة إلي بلادهم وقراهم لمناسبة الشهر الكريم وبسبب التعب الذي أصابهن وهذا طبيعي فقد تم منعهن, وإعتبر خروج أي عضو من معسكر الميدان إنقاص من درجته في ترتيب الجماعة التي أساسها السمع والطاعة والالتزام بما يصدر إليهم من أوامر وتعليمات. ولهذا وددت لو أن القوات المسلحة دبرت وسيلة لتطهير تجمعات الإخوان في رابعة وحديقة الأورمان من الجو وإسقاط منشورات تطمئن من يريد الخروج بأنه لن يتعرض لعقاب, وأيضا إعلام المعتصمين بحقيقة الصورة المغيبين عنها عما يجري في الوطن, وأنهم في واقع الأمر أقلية أمام غالبية كبيرة خرجت مظاهراتها التي غطت ميادين وشوارع مصر تسحب التكليف من الرئيس مرسي ليس لأنه من الإخوان وإنما لأنه فشل في إدارة الحكم. ** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.