×
محافظة المنطقة الشرقية

براعم يخوضون تجربة العمل المهني

صورة الخبر

أُمّك حلوة .. ! طارق عبد الله فقيه بينما كانت الأختان منهمكتان بوضع اللمسات الأخيرة من مساحيق التجميل استعدادا لحضور حفلة زفاف ، وقد بدت الأخت الصغرى أكثر جمالاً ورشاقة وجاذبية من أختها الكبرى ، كان طفلاهما ذوا الخمسة أعوام يلهوان في زاوية الغرفة ، فقال ابن الأخت الكبرى لابن خالته بحس جمالي طفولي بريء : يا حظك ، أمك مرّة حلوة لم يتردد ابن خالته في الرد عليه مباشرة وبدون أدنى تفكير يا حظك أنت ، أمك مرّة طيبة مو عصبية زي أمي . لم يتباه الطفل بجمال أمه ، ورأى في طيبة خالته ما جعله يغبط ابنها عليها ، فالرشاقة والأناقة والجمال تشغل دائماً بال الأب ، أما الطفل فلا يعنيه في أمه سوى الحب والحنان والطيبة والاهتمام فقط ! كثيراً ما يشتكي الآباء من الأبناء ويتذمرون من تصرفاتهم ، وقليلاً ما يفعل ذلك الأبناء ، إما خوفاً من العقوق المنهي عنه شرعاً أو خجلاً من الآخرين أو لإيمانهم بأنه لا جدوى من الشكوى وأنها لن تغير في واقع الأمر شيئاً ، وعليهم تقبل آبائهم كما هم . الشكوى والتذمر تعني أن أحدهم يتعرض للأذى . فأيهما يؤذي الآخر أكثر ؟ الآباء يؤذون الأبناء أم العكس !! سنبحث عن إجابة هذا السؤال من خلال السطور القادمة . عندما يبحث الشاب عن فتاة جميلة فقط لتكون زوجة له وأماً لأبناءه ، فهو يؤذي أبناءه وراثيا أشد الإيذاء سواءً كان بقصد أو بدون ، ويورثهم خصالاً غير جيدة ليس للأبناء فيها يد إذ لم يحسن أباهم اختيار أمهم ، فالأب لم يظفر بذات الدين لتربت يداه وأيدي أبناءه، ولم يتخيّر لنطفته تحوطاً من العرق الدساس ، وقد يستمر في مسلسل أخطاءه ويعيّر أبناءه بأخوالهم ذات يوم ، وهو الذي لم يحسن اختيار أخوال أبناءه ، وليس للأبناء ذنب في سوء اختيارات الأب . { يؤذي الآباء أبناءهم بسوء اختيارهم لأمهاتهم .. } • ويتواصل أذى الآباء للأبناء عندما يسيء الأب اختيار الاسم المناسب للابن ، فبعض الاسماء تجعل الابن عرضة للسخرية والتندر من الأقران ، وقد غيّر الرسول صلى الله عليه وسلم اسم برّة إلى زينب وقال لا تزكوا أنفسكم واسم حزن إلى سهل واسم عاصية إلى جميلة وغيرها كثير ، مما يدل على وجود ترابط وتلازم بين الاسم والمسمى ، وقد تؤثر مستقبلاً على شخصيات الأبناء وتكوينهم النفسي . { سوء اختيار الآباء لأسماء الأبناء يسبب لهم السخرية والاستهزاء } ويتأذى الأبناء كثيراً إذا فشل الأب في التغاضي عن بعض القصور المتوقع من الزوجة ، واختار الطلاق كحل وحيد ، دون النظر لمصير الأبناء وآثار الطلاق السلبية على حياتهم ومستقبلهم ، حيث أثبتت الدراسات أن الطلاق ينتج أطفالا مضطربي الشخصية ، فالأب يؤذي أبناءه بالطلاق إذا سعى لراحته فقط وقذف براحة أبناءه لأعاصير الزمان وتقلباته ، ليعيشوا حياة التشتت والحرمان . { إذا كان الانفصال هو نهاية جيدة للمشاكل عند الآباء ، فهو بداية الصعوبات والمشاكل عند الأبناء } يتأذى الأبناء من الآباء الذين تنتهي مهامهم في تعليم أبنائهم بتسجيلهم في المدارس ، وتوفير احتياجاتهم القرطاسية ، ويغفلون بعد ذلك عن متابعة ومشاركة الابناء خطواتهم الدراسية الأولى التي تحتاج إلى جهد وصبر كبيرين ومن كلا الوالدين ، إذ أثبتت الدراسات في الخمسة عشر عاماً الماضية أنَّ الاستغراق ، ومشاركة الوالدين الإيجابية لابنهما لها أكبر التأثير عليه، بخاصة على نجاحه المدرسي، وتسبقان في الأهمية كفاية المدرسين وسمعة المدرسة ، وهي ضمان انطلاقة جيدة للأبناء في المسيرة التعليمية تكفل لهم مستقبلاً حافلاً بإذن الله . { المتابعة والتشجيع وكلمات الثناء ، لها فعل السحر في تفوق ونجاح الأبناء } يتأذى الأبناء كثيراً من تساهل آبائهم معهم في تناولهم للوجبات السريعة التي تؤدي بهم للسمنة ، كما يتأذون من عدم تشجيعهم لهم على ممارسة الرياضة ، وعدم حثهم على تنمية هواياتهم وتطويرها ، واغفال جانب اصطحابهم معهم للمناسبات الاجتماعية حتى لا يميلون للإنطوائية والعزلة ، وكذلك عدم الانصات لهم والحديث معهم . { تنمية شخصيات الأبناء تحتاج لجهد وصبر وعطاء } . أخيراً وهذا الأهم من وجهة نظري يتأذى الأبناء من آبائهم جداً إذا لم يولوا تعليمهم لواجبات دينهم اهتمامهم الأول ، ولم يحرصوا على متابعتهم في أداءهم للفرائض الحرص الكافي ، ثم يشتكي الآباء من انحراف الأبناء وضياعهم . إن مسئولية الآباء تجاه أبنائهم هي أكبر من مجرد توفير أسباب الحياة الكريمة لهم من مأكل ومشرب ومسكن ، ثم التباهي والتشرف بهم أمام الآخرين والتفاخر بدرجاتهم العلمية وبوظائفهم . إن العلاقة بين الآباء والأبناء محكومة بالتنظيم الرباني الذي ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته إن مسؤوليتنا تجاه أبنائنا هي مسؤولية عظيمة ترتقي لدور فاعل ومؤثر في بناء المجتمع المستقر وازدهار ونماء الوطن ونهضة ورفعة الأمة. وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إذ يقول : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .