كان يوم الجمعة الماضي يوما مشهودا في مكة وجدة.. وقف التاريخ وقفة إجلال وبطرف حزين أمام مشهدين تمثل فيهما نبل الإنسانية وأسمى معاني البر والوفاء.. كانت الصورة الأولى عندما شهد جمهور غفير في مسجد الجفالي الصلاة على والدة الدكتور أسامة شبكشي بعيدا عن الالقاب وتبع الجنازة رهط كبير حتى ووريت الثرى.. لقد كان أسامة شبكشي نموذجا حيا نابضا بأسمى المعاني الإنسانية.. الإنسانية المطلقة الراقية في التعبير ترجمة عن مشاعره.. فقد كان أسامة جادا صادقا في كل حياته وقراراته حتى خاله البعض (قاسيا) لكن من عرفوه والتصقوا به (وأنا واحد منهم) عرفوا منولوجه الداخلي الذي يرشح بالحب والوفاء والنبل.. إذ أوقف حياته على والديه.. كان يرعى والده الكبير قدرا عبدالمجيد شبكشي أحد رجالات المملكة وابن جدة البار والرجل الذي اعترف التاريخ به وأفرد له مكانا في صدر صفحاته. أسامة ووالدته : وهذه أيضا قصة أخرى يتمثل فيها نبل الابن وحبه المطلق ووقاره وتوقيره لأمه.. فقد كان ينهنهها كأنما هي طفل في مهد رعاية ابنها الدكتور.. لقد أوقف كثيرا من جهده ووقته على رعايتها حتى فاضت روحها.. وقد وقف الجميع حزنا وهم يشاهدون الفجيعة مرتسمة على وجه ابنها الدكتور وقد انهمرت الدموع تروي قصة الحب الذي لا يقدر بثمن.. لقد عرف التاريخ قصصا لنماذج من الرجال في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفي عهد الصحابة ولكننا في أيامنا هذه التي جفت فيها منابع الرحمة وأفرغت الوجدانات الإنسانية من معاني الرأفة واحترام الوالدين وبرزت على السطح صور مأساوية اختلط فيها العنف والعقوق حتى أن البعض رمى بوالديه أو بأحدهما في دور رعاية المسنين والبعض حجر عليهما. جابر عبد الحفيظ والبر لوالدته : سبحان مقدر الأقدار إذ فاضت روح الفريق جابر عبدالحفيظ الغانمي مساء الخميس الماضي بعد حياة حافلة بالعطاء تمرغ فيها في غبار الأيام صغيرا عاش وعايش اليتم والفقر والحاجة.. وكانت والدته هي الضمانة الوحيدة والمرتكز الذي يتكئ عليه.. وما أن لاحت أمامة الفرصة التاريخية في مدرسة الأمن العام حتى بادر إليها مع زميله العميد أحمد العوفي (وكلاهما من رابغ) .. فامتطى صهوة إرادته الصلبة وخلف الفقر خلفه وأخذ يتدرج في المناصب القيادية.. تلحظه أعين القادة ورفاقه حتى أنه يقال انه عندما كان مسؤولا عن المرور في الحج صدمته سيارة في موكب النفرة ورمته على الأرض في مشهد عجيب.. كان الطيب التونسي يرحمه الله يومها مديرا للأمن العام وملك احترامه وتقديره عندما هب واقفا وأخذ يوالي مهمته في نبل وبسالة.. الأمر الذي أهله لأن يصل إلى رتبة فريق. سبحان الله إذ كانت مكة هي مفتاح السعادة.. فيها هرب من حالة البؤس ومنها أمضى حياته مترقيا إلى أن وصل إلى أرقى الرتب فريق. لقد ضرب الفريق جابر والدكتور أسامة أروع الأمثال في حب وتقدير الوالدين ولعل معالي الدكتور أسامة شبكشي صورة حية للنبوغ والتفوق والنجاح الذي أوسعت له الحياة الترقي في المناصب العليا.. وكذلك مهدت السبيل للفريق جابر ليصل إلى ما وصل إليه.. اللهم ارحم والدينا ووفقنا للبر بهما أحياء وأمواتا.. إنا لله وإنا إليه راجعون. جمهور الاتحاد الأسطورة : كتبت قبل زمان عندما كنت مسؤولا عن الرياضة في جريدة الشرق الأوسط.. أن أكثر الأندية شعبية هما الاتحاد والهلال.. وعلى الفور جاءني تليفون من المرحوم عبدالرحمن بن سعود وبفراسته المعهودة قال يا علي هل عددت الجماهير.. ومع طرافة النكتة يأتي الاتحاد الجمعة الماضية ببنوراما صور فيها جماهير الاتحاد الحب في أرقى درجاته واستحوذ على إعجاب الجماهير هنا وفي الدول العربية بل وتعدى إلى العالمية.. خاصة عندما رفع الشعار الحبيب.. حبيبي يا رسول الله.. وكنت أود أن أتحدث في هذا المجال ولكن سبقني الابن الزميل عبده خال (الاتحادي القديم) في عدد «عكاظ» الأحد الماضي فكان أن كفى ووفى.. وحسبي الله ونعم الوكيل.