قالت مصادر مشاركة في الاتصالات الجارية للتوافق على آلية لا تعرقل اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، أن البحث يدور حول تطبيق ما جاء في الدستور حول كيفية اتخاذ القرارات، وينص على التوافق فإذا تعذر يجرى التصويت بالأكثرية العادية من الحضور في المواضيع العادية وبأكثرية الثلثين في المواضيع المهمة (المادة 65). وأوضحت هذه المصادر أنه فضلاً عن توافق رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري على التمسك بالدستور بدل الآلية التي اعتمدت منذ الشغور الرئاسي، والتي قضت بموافقة الـ24 وزيراً تتشكل منهم الحكومة وبتوقيعهم جميعاً بالنيابة عن رئيس الجمهورية بحكم الشغور الرئاسي على المراسيم التي تتطلب إنفاذ القرارات التي تصدر عنها، بحيث يجرى التصويت عندما يتعذر التوافق. وعن مواصلة أطراف مسيحية رفضها التصويت وإصرارها على التوافق بغياب الرئيس، قالت المصادر أن صيغة الإجماع التي شكا منها رئيس الحكومة تمام سلام لأنها أعطت حق الفيتو لأي من الوزراء الـ24، فأنه مع العودة لاعتماد الدستور، لا شيء يمنع محاولة التوافق بين الجميع قبل أي تصويت، فضلاً عن أنه يترك لسلام القرار بطرح أي أمر على التصويت، أم عدم طرحه طبقاً لأهميته والحاجة إلى الإجماع حوله في ظل الشغور الرئاسي. وعن توقيع الوزراء الـ24 على المراسيم، قالت المصادر أنه يمكن تطبيق صيغة توقيع من يوقع، والذين لا يوقعون تترك لهم مهلة 15 يوماً، وهي المهلة المعطاة لرئيس الجمهورية، فإذا انقضت المهلة من دون توقيعه يصبح المرسوم نافذاً حكماً، إذ لم يطلب من مجلس الوزراء إعادة النظر وفقاً للمادة 56 من الدستور، فإذا أصر مجلس الوزراء على القرار يصبح المرسوم نافذاً. وقالت المصادر أن المشاورات استمرت أمس مع عودة سلام من زيارة إلى روما، لكن شيئاً لم يحسم بعد. وبناء عليه فإن أوساط الرئيس سلام أبلغت «الحياة» أنه لم يقرر دعوة مجلس الوزراء للانعقاد هذا الأسبوع بعد وقال للمتصلين به إنه سيواصل مشاوراته. وأوضحت تعليقاً على اقتراح العودة إلى الدستور أن الرئيس بري يصر عليها ورئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة أيضاً، وآخرين والرئيس الحريري و«التيار الوطني الحر» وغيرهما يدعون إلى تجنب التعطيل، وبعض القوى المسيحية الأخرى ومنها الذين اجتمعوا مع الرئيس السابق ميشال سليمان، يرفضون تغيير شيء في الآلية التي يرى رئيس الحكومة العودة عنها، لأنها غير مقدسة». ونقلت هذه الأوساط عنه أجواء تفيد «بأننا في حالة استثنائية ويجب أن نواجه الاستحقاقات ونعالجها بسرعة ولا سيما المشاريع الضرورية لتأمين استمرارية البلد حتى لا تبقى الأمور سائبة. والمؤكد أن بعد تجربة الأشهر التسعة الماضية لم تكن الحكومة منتجة على رغم اعتقاد البعض أنها أنجزت الكثير، لكن أموراً كثيرة تجمدت. والحكومة الائتلافية ليست تسابقاً على التعطيل والمكاسب. فهناك ميادين لا تحصى على لبنان اتخاذ قرارات فيها من الاتصالات والنفط والأشغال والنقل البري والبحري وغيرها، لمواكبة التطورات في العالم وإلا نضع أنفسنا في موقع غير منافس ومواكب ويدفع البلد الثمن بدلاً من الاستفادة من الفرص. فنحن في أجواء غير مستقرة وصعبة في محيطنا وبالكاد الدول المعنية تتمكن من رعاية وضعنا لأن لكل منها همومها فإذا لم نرصّ الصفوف الآن فمتى نفعل»؟ وأشار من اتصل بسلام إلى أنه يعتقد «اننا إذا لم نواجه استحقاقاتنا نساهم في إضعاف أنفسنا». وعن الجهود من أجل العودة إلى الدستور في اتخاذ القرارات تنقل الأوساط المقربة من سلام عنه قوله إن كل من يساهم في تثبيت الوفاق من خلال العمل من أجل عدم العرقلة يكون يلعب دوراً إيجابياً. وإذ تشير أوساط رئيس الحكومة إلى الموقف الذي صدر عن الوزراء الذين التقوا الرئيس سليمان والذي أعطى انطباعاً بتفضيل البقاء على الآلية الحالية، فإنها تعتبر أن سلام حين وافق على آلية التوافق والإجماع قبل أشهر تمنى على الفرقاء جميعاً ألا يذهبوا إلى التعطيل لكن ما حصل أننا بتنا في حالة من التعطيل والتعطيل المضاد. وأضافت: الرئيس سلام يرى أنه لم يعد جائزاً أن نبقى أسرى التعطيل. وعندما اعتمدنا التوافق لأنه موجود في روحية الدستور فذلك لأننا في حالة استثنائية في ظل الشغور الرئاسي الذي نطالب في كل لحظة بإنهائه». وقالت أوساط رئيس الحكومة أنه بات ضرورياً الانتقال إلى صيغة عملية أكثر. ولا يبدو أن هناك من يريد أن يعطي انطباعاً بأن الأمور تسير نحو إنهاء التعطيل والبعض يشترط انتخاب الرئيس ولا يبذل جهداً من أجل انتخاب الرئيس. فبدلاً من التنافس على الانتخابات الرئاسية نشهد تنافساً على التعطيل وذلك تبريراً لعدم الانتقال إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي». ويشير المتصلون بسلام إلى أنه لم يعد التعطيل ذات منفعة لأحد. المطلوب إدارة شؤون البلد وفي الوقت نفسه التعجيل في إجراء الانتخابات الرئاسية لأن الشغور الرئاسي يراكم السلبيات على نظامنا السياسي وضد هذا النظام. وينقل عنه هؤلاء قوله إن ما يجري يساهم في تعطيل مجلس النواب أيضاً.علينا دراسة الموازنة وإقرارها ويجب اتخاذ قرار في بعض الاتفاقات الدولية الضرورية وعلينا فتح دورة استثنائية للبرلمان. فماذا إذا رفض بعض الوزراء توقيع مرسوم فتحها بالنيابة عن رئيس الجمهورية فماذا نفعل؟. البعض يبدو مسروراً بالتعطيل. ويشير هؤلاء إلى أن سلام يعتبر أن جهود الرئيسين بري والحريري مشكورة لمحاولة الخروج من المأزق.