لم تدّخر تركيا جُهدا للتخلّص من ازدحام السيارات في أكبر مدنها "اسطنبول" إلا وبذلته!. لقد شيّدت الجسور طبقا على طبق، وشقّت الأنفاق كأنها مع قمم التلال المشقوقة فيها أرجلا للأخطبوط، وسيّرت قطارات المترو والترام في البر والجوّ بل وحتى تحت البحر، واستخدمت نظام إشارات مرور إذا سيقت فيه السيارات بسرعة معيّنة لا تُواجه إشارات حمراء، وأطلقت راديو خاصا بالمرور يعمل طيلة اليوم ويُوعّي الناس بأماكن اختناق المرور والأخرى السهلة العبور!. ومع ذلك ما زالت اسطنبول تُعاني من ازدحام مروري فظيع لا يُذكر معه ازدحام الرياض وجدّة إلا بالخير، فما هو السبب يا تُرى؟!. إنه هجرة الأتراك إليها من المدن والقُرى الأخرى، سعيا للعمل وطلبا للرزق، حتى أصبحت المدينة حُبلى في الشهر التاسع بهم، ووصل تعداد نسماتها إلى ١٥ مليون تقريبا، يحتاجون بجيش سياراتهم العرمرم إلى مشروعات أخرى جبّارة كي تستوعبهم وتُسهّل تنقّلهم!. ومثل هذا هو ما أخشاه بالضبط على مدننا الكبرى، وأهمها الرياض وجدّة، فالهجرة إليهما كبيرة من المواطنين، فضلاً عن المقيمين نظاميا والمخالفين، وقد لا تستطيع مشروعاتهما المرورية الجديدة استيعاب آثار ذلك إن لم نعمل على ضبط الهجرة وتقليم أظافرها الطويلة!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، قالت إنّ توزيع التنمية، وعدم استئثار مدننا الكبرى بالنسبة الأوفر منها، هو الحل الوحيد لضبط الهجرة المُربكة لخطط الاستيعاب التنموي، والمُولّدة للازدحام المروري، وإلا تقول شهرزاد كما يقول الأتراك عندما يرون شيئاً فظيعا، كالازدحام غير الطبيعي مثلا: آمان يا ربّي آمان!. @T_algashgari algashgari@gmail.com