يخرج المقال في صبيحة يوم الاثنين، التاسع من شهر ذي الحجة، اليوم الذي أكمل الله فيه الملة وأتم النعمة، وأخذ فيه الميثاق على ذرية آدم.. اليوم المشهود الذي أقسم الله به.. والعظيم لا يقسم إلا بعظيم. يخرج المقال والحجيج واقفين متضرعين لله وحده، ملبين بصوت ترتفع معه أكف الضراعة والابتهالات، وتتسابق مآقي العيون انهمارا نحو أمل المغفرة والرحمة.. وفي الدعاء عبادة ظاهرة. اللهم يسر للحجيج فريضتهم، وأعن كل من نذر نفسه خادما لضيوف بيتك العتيق. واجعلنا في هذا اليوم المشهود من عتقائك من النار. اللهم آمين. المشاهد التي تمتلئ بها شاشات القنوات ومنافذ الصحف عن الحج والحجيج، لا يمكن أن يشعر بها إلا من عاشها، والأحاديث التي تنقل خطط العمل من بدء وصول الحاج حتى مغادرته، لا يراها على حقيقتها إلا من وقف في غمارها. وليس الخبر كالعيان. في المواسم المباركة، وأيام الحج في سنامها تشهد مكة حراكا واسعا واستنفارا ملاحظا لجميع القيادات بدءا من أعلى هرم الدولة ومرورا بالجهات الميدانية وليس انتهاء بأصغر طالب في الكشافة يحمل جسده الصغير في سبيل إرشاد الحجيج وتوجيههم. كانت الأيام الأولى من مواسم الحج السابقة تشهد زحامات بشرية هائلة تصطف معها وبجوارها وداخلها مركبات مختلفة الأحجام تمثل أس العوائق الخطرة في تفويج الحجيج وحركتهم في داخل المشاعر وخارجها، واليوم تقام الدراسات الحثيثة في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة متضامة مع الجهات الحكومية في كل ما يخص الحاج والمعتمر.. في حركته وسكنه وإقامته وتهيئة كافة الأسباب من أجل موسم خال من الاختناقات والتدافعات والأخطاء المستجدة! الملحوظ الذي يظهر بجلاء والإنصاف شريعة.. أن العمل غير العمل والخطوات الآن غير الخطوات، والترتيب والاستعداد منتظم ومرسوم بعناية لا يمكن شكرها.