المملكة تعتبر المزار الديني الأول حول العالم، ومن ياتون اليها لاغراض الحج والعمرة يصرفون مبالغ مليارية، فعوائد العمرة حتى شهر رمضان الماضي وفق تقديرات منشورة بلغت 17 مليار ريال، ونشرت صحيفتا «عكاظ» و «المدينة» يوم السبت 12 أكتــــوبر 2013، بان الحجاج الحاليين يستهلكون سبعة ملايين رغيف يوميا، وان حجم تداولاتهم المالية في الاربع والعشرين ساعة يقدر بمئتي مليون ريال تقريبا، وبالتأكيد اصحاب الحملات في هذه المواسم يستفيدون بدرجة أكبر، تشاركهــم نسبيا قطـاعات حكومية وخاصة في الداخل والخارج، واطراف المعادلة المذكورة يحاولون تحقيـــــق أهداف دينيــــــة وتجارية، واحيانا يسوقـون لافكار مزعجة ومخالفة، أو يربطون مواعيد لمقابلة شركاء يتشابهون معهم في الخط والمنهج، والمهم في كل هذا ان بعض الناس قد يمارسون أشياء لا علاقة لها بالعبادات من قريب أو بعيد. الدولة قامت ولا زالت تقوم بدور ريادي ومقدر في خدمة الحجاج والمعتمرين، ولا اعتقد أن مسألة الارباح والخسائر المادية تسيطر على تفكيرها أو تدخل في حساباتها، و الدليل انها خفضت نسب حجاج الداخل والخارج ولمدة ثلاث سنوات اعتبارا من موسم الحــج الحالي، بانتظار اكتمال التــوسعة الجــديدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبـــدالله بن عبدالعزيز، بجانب ما تتحمله من موازنات وجهود ضخمة لإدارة الملفات الأمنية والتنظيمية والإنشائية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهناك امور مصاحبة لمواسم العبادات تحتاج الى ضبط ومحاسبة دقيقة، وبنفس طريقة التعامل مع من يحاول الحج بدون تصريح، أو يزور جوازا ويخالف الأنظمة لأداء الفريضة، والحالة الأخيرة تشمل اشخاصا دخلوا الى مكة المكرمة قبل تاريخ اشتراط التصريح أو من المخالفين لانظمة الإقامة والعمل ممن في فترة التصحيح. حملات الحج الوهميــــة من ابرز اسباب الافتراش وتخــــلف الحجاج، وأكدت الأدلة المنقولة في الصحافة المحلية، تورط سعوديين وخليجيين وجنسيات عربية وأجنبية فيها، ولكنها لا تمثل إلا جــزءا بسيطـا من المشهد، اذا ما قورنت بحجم الاستغلال الذي يمارس ضد الحجاج والمعتمــــرين باسم الدين، وعلى سبيل المثال، تكاليف الحج لشخص واحد من حجاج الداخل في حملة نظـــــامية متواضعــة تصل الى سبعة آلاف ريال، وربمــــا تجاوزت في حملات خمسة نجوم الداخلية حاجز المئة الف ريال، ورسوم التصاريح على نوعين، الاول مخفض ويتـــراوح ما بين الفين وخمسمائة الى ثــــلاثة آلاف ريال، والثـــاني عادي بخمســـــة عشر ألف ريال أو أكثر، والمـــــدفوع في الحملات الخارجية بالمقارنة وباستثناء التصاريح ربما وصل الى ارقام فلكية. كما ان نقابة السيارات تحتال على نسب السعودة وتوظف سعوديين مصرحا لهم بسواقة الحافلات، وتدفع لهؤلاء مبلغا مقطوعا في نهاية موسم الحج يقدر بثلاثة آلاف ريال، تزيد او تنقص قليلا، وبدون ان تستخدمهم في أي عمـل، ويقال والعهدة على الراوي، بان الأمر يتم بمباركة بعض الرسميين، ولمســـاعدة من يعمل في المرتبة الحكـــومية السادسة فما دون، وتصاريح الحج والعمرة تبدأ ولا تنتهي، وتتولاها بالوكالة وبمقابل مؤسسات الطوافة ومكاتب الحملات ونقابة السيارات وغيرها، ومن يأتي الى الحج يحتاج الى تصريح مستقل باسمه يضاف لتصريح الحملة أو المؤسسة، والمطوف هو الرجل الأهم في الحملات، ولا تقف مسؤولياته عند الطوافة، وانما تمتد لتستوعب كل شؤون الحجاج من نقل وسكن وإعاشة وهكذا، يضاف لما سبق تصاريح تصدرها نقابة السيارات لحافلات نقل الحجاج وسائقيها، ولمصلحة شركات النقل المرخصة في المملكة، ولست متأكدا من وضع السائقين السعوديين، وامكانية الاستفادة من اسمائهم في التصاريح، وتحل التأشيرة محل التصريح لحجاج الخارج، وقيمتها متفاوتة حسب سعر الصرف في دولة الحجاج ومواصفات الحملة. في النهاية أتمنى مساواة النظاميين بالمخالفين ومحاسبتهم على تجاوزاتهم، أو بأقل تقدير، وضع ضوابط وتشريعات تحيد فرص تكرار هذه التجاوزات في المستقبل.