تُعرف كوريا الجنوبية بتطورها التكنولوجي وبأبحاثها واكتشافاتها في مجالات التقنية مثل الإلكترونيات والهواتف الذكية، وتسعى اليوم إلى أن تصبح رائدة في عالم الطب وأبحاث التكنولوجيا الحيوية والخلايا الجذعية. ويقول مدير مركز أبحاث الوقاية من السرطان بجامعة تشا بالعاصمة كي بيك هام -في حوار مع الجزيرة نت- إن "تشا" تهدف إلى تطوير تقنيات الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض المستعصية مثل العمى ومرض باركنسون. تطوير التقنيات وفي أروقة المؤسسة يمكن ملاحظة مدى الاهتمام بتوفير بيئة مريحة ومحفزة للباحثين، فالمبنى الضخم تتوسطه حديقة تفوح عطرا وانتعاشا، وإذا ما شعر الباحث بالتعب أو الملل فليس عليه سوى الالتفات أو النظر إليها من شباك غرفته ليأخذ دفعة جديدة من الطاقة، بالإضافة لوجود ناد رياضي ومسبح للموظفين في المبنى نفسه. كي بيك هام:"تشا" تهدف لتطوير تقنيات الخلايا الجذعية(الجزيرة) وشرحت لنا الدكتورة جي سوك مون بمركز أبحاث الخلايا الجذعية أن الباحثين يجرون حاليا تجارب سريرية على المرضى لعلاج حالات العمى عبر حقن خلايا بالشبكية، ومرض باركنسون والشلل الدماغي. وأوضحت الباحثة للجزيرة نت أن الخلايا الجذعية يتم تحضيرها بالمختبر ثم نقلها إلى غرفة العمليات ليحقنها الأخصائي بالمكان المحدد مثل العين أو الدماغ. وأرتنا مديرة برنامج أبحاث الخلايا الجذعية للعين وون كينغ سونغ كيف يتم حقن الخلايا الجذعية بالشبكية، وذلك لعلاج حالات مثل التنكس البقعي. وشرحت للجزيرة نت أن هذه التقنية تم استعمالها حاليا مع ستة مرضى وكانت النتائج جيدة، لافتة إلى أن التقنية التي يستخدمونها هي حقن الخلايا لا زراعة الأنسجة، ما يترتب عليه رد فعل مناعي أقل، ويتطلب العلاج بأدوية تثبيط المناعة لتسعة أشهر فقط، وهو أمر أفضل للمريض بكل تأكيد. بنك الخلايا الجذعية وأحد باحثيه الذين يشبهون رواد الفضاء (الجزيرة) مختبر الأبحاث وانتقلنا بعدها إلى مختبر أبحاث الخلايا الجذعية، ودخلنا غرفة العمليات ورأينا نافذة فيها، وعند سؤالنا أخبرنا الباحثون أن هذا الشباك يتم نقل الخلايا الجذعية عبره من المختبر إلى الطبيب الذي يجري الجراحة، وذلك لتوفير الوقت وللحفاظ على عينات الخلايا التي يكون بعضها هشا ومعرضا بسرعة للتلف. وبعد ذلك دلفنا إلى أجزاء المختبر الداخلية عبر ممر غطيت شبابيكه بستارة خضراء رسمت عليها الأشجار، وفي آخر المختبر بلغنا غرفة تحضير العينات وبنك الخلايا الجذعية، ورأينا غاز النيتروجين السائل يتصاعد منه البخار الذي يستخدم لحفظ العينات. وكان الباحثون يرتدون ملابس تجعلك تظنهم في البداية رواد فضاء، ولعل هذا ما يراه الكوريون أيضا. ويبدو أن أبحاث الخلايا الجذعية وسيلة يدخل بها الكوريون المستقبل، كما أدخلت أبحاث الفضاء الأميركيين عالم الفضاء، وهو أمر ليس بعيدا إطلاقا على الكوريين.