كثر الحديث عن المدى الهائل الذي يذهب إليه بعض كبار المتبرعين في الغرب عمومًا، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص. في العام الميلادي المنصرم زادت التبرعات الواردة من أكبر 50 متبرعًا بنسبة 28% تقريبًا؛ لتقارب 10 مليارات دولار. طبعًا كان -ولايزال- في المقدمة مؤسسة بيل، وميلندا جيتس. لكن الجميل أن الجيل الجديد من عمالقة التقنية باتوا أكثر جودًا وكرمًا، وهم ما زالوا دون 40 عامًا. وقد أعطى ثلاثة منهم أكثر من 500 مليون دولار في العام الماضي وحده، وهم جان كوم (38 سنة) مؤسس تطبيق (واتس أب) المعروف، وسين باركر (35 سنة) الرئيس السابق لتطبيق فيسبوك ومؤسس شركة نابستر، ثم نيكولاس وودمان (39 سنة) وزوجته جيل (38 سنة) مؤسسا شركة الكاميرات ذات التقنية العالية جوبرو GoPro. ليس الهدف من ذكر أسماء هؤلاء ومواقعهم مجرد الإشادة بهم، فهم لا ينتظرون إشادة، ولا أحسبهم يتوقعون في الآخرة جزاءً أو شكورًا، لكنه التحفيز مرّة، والتذكير مرّة أخرى. هذه نماذج قلّما تتكرر في ديارنا العربية، إذ لم أسمع في حياتي بمن تبرع بمبلغ يقارب ملياري ريال في عام واحد. أكبر الأرقام لا تتجاوز عشرات الملايين، وهي بعيدة عن ألفي مليون حتمًا. ما الذي يدفع أولئك إلى (العطاء) الكبير، في حين يحجم (هؤلاء) المسلمون عن عطاءات مماثلة؟ هل وجوه التبرعات لدى (أولئك) مفتوحة لا حدود لها؟ هل هم في حرز من اتّهامات بدعم الإرهاب مباشرة، وغير مباشرة؟ هل هذه الاتهامات (الكيدية) هي جزء من أسباب تراجع عطاء (القادرين) في بلاد بني يعرب؟ هل فعلاً يتوق كثير من الراغبين إلى التبرّع للمناطق المنكوبة (التي تفيض بفقراء المسلمين، الذين أُخرجوا من ديارهم، وأُوذوا في شؤون حياتهم)، لكنّهم يعجزون عن بلوغ الجهات الموثوقة المرابطة في الميدان مباشرة، والتي تخشى الله وتتقيه حق تقاته، فلا تضع الريال إلاّ في يد محتاج مستحق، خاصة النساء الأرامل، والأطفال اليتامى، والشيوخ المرضى. في يقيني أنه متى ما فُتحت أبواب للثقة غير المهتزة أبدًا، فإن عطايا القادرين الموسرين في بلادنا العربية ستنهمر على مشروعات وبرامج للخير، وغذاء وكساء لكل مسلم محتاج في أرض الله الواسعة!! salem_sahab@hotmail.com