يُحكى أنّ رَجُلَيْنِ شَدِيدي المرض كانا يَتَشَاركان غرفة واحدة في أحد المستشفيات، كان (الأول) يعاني من مرض عضال جعله يرقد على ظهره، ولا يستطيع الحِرَاك إلاَّ قليلاً!! أمّا (الثاني) الذي كان بجانب النافذة، فقد كان يجلس على سريره لبضع ساعات في النهار؛ ليتخَلّصَ من الماء المتجمّع في رئتيه بسبب قَلْبه الضعيف. ولم يكن يزورهما أحدٌ أبدًا؛ لذا يقضيان الساعات الطوال في الحديث، وكان الرجل الذي بجانب النافذة يصف لزميله ما يراه في الخارج!! إذ يَصِفُ له حركة الناس، ويتحدّث عن البط في تلك البحيرة الجميلة التي تمتد على جوانبها الورود الملوّنة، كما رسم له بالكلمات تلك الأشجار الخضراء الباسقة، وأولئك الأطفال الذين يتراكضون فرحًا بينها!! باختصار كان هو عيونَ صاحبه المُسْتَلْقِي على ظهره بلا حِراك بعيدًا عن النافذة، يُنقلُه كُلَّ يومٍ للعَالَم الخارجيّ. مرّت الأيام والشهور وهما على تلك الحالة، وذات صباح أَسْلَمَ الرجل المجاور للنافذة روحَه بهدوء وسَلام، فحزن صديقه وتألّمَ؛ إذ فقد أَنِيْسَ وحدته!! بعد أيام طلب من الممرضة وضعه بجانب النافذة؛ عَلّه يُروّحُ عن نفسه، وما إنْ وُضِعَ هناك حتى تَحَامَل على نفسه، ورفع جسَده ليَنظُرَ للخارج!! ولكنه تفاجأ بأنّ النافذة تُطِلُ على (جِدَار كبير)، فأخذ يصرخ مُنَادِيًا الممرضة: ما الذي حدث؟ كيف أصبح هذا الجدار هنا؟! رَدّت عليه قائلة: هذه النافذة هكذا منذ سنوات، أجابها: لا يمكن.. كان صاحبي يصف لي الناس، والبحيرة، والحديقة، والأشجار، و... و...!! عَقّبَت الممرضة: كان صاحبك أعمى، وقطعًا وَصَفَ لك تلك الأشياء مِن خَيَاله! أعزائي تلك (الحكاية) تؤكّد لنا بأن محاولة زرع السعادة في قلوب الناس، ليس لها حدود، وأن لا علاقة لها بما نمتلك أو نُعاني؛ فهذه دعوة صادقة لي ولكم لكيما نرسم الفَرح والتفاؤل والخير في هذا الكون؛ يكفي أنّ الابتسامة البريئة (صَدقة)، وهدية مجانية تَمنحُ الدفْء للآخرين، أرجوكم أصدقائي ابتسموا الآن!! aaljamili@yahoo.com