لم يكن مقبولاً هذا السلوك الذي يصر عليه بعض الحركيين ودعاة السياسة باستغلال النسمة المقدّسة بين المسلمين وربّهم ليلجأوا من خلالها إلى داخل الفرد باستغلال واستثارة عاطفته الدينية لأهداف سياسية أو حزبية، بل وتجاوزوها إلى التخطيط إلى تسييس الحج وتهديد أمن الحجيج. التحدي الأمني الذي يصاحب موسم الحج ليس سهلاً ولا تواجهه أي دولةٍ في العالم، فالبقع الصغيرة التي تجتمع فيها الملايين أن تضبط أمنياً هذا أمر ليس بالسهل أبداً، ولذلك يبقى نجاح تجربة المملكة في العناية بالحرمين والحفاظ على أمن حجاج وضيوف بيت الله الحرام محل إبهار وإشادة دائمة والتجربة الأكبر عالمياً. في تصريح صمام أمن هذه البلاد وزير الداخلية رئيس اللجنة العليا للحج الأمير محمد بن نايف: "أن الحكومة السعودية تدعو كافة الحجاج والمعتمرين إلى الالتزام بأداء النسك والبعد عن أي عمل يصرفهم عن ذلك ويعرضهم للخطر"، هذا التصريح من سموه لأن البلد الحرام، في الشهر الحرام، هو في حالة قدسية على المستويين الديني والمدني، في الشريعة، وفي النظام. وفي إعلان سموه عن إنشاء القوات الخاصة بأمن الحج والعمرة وقوامها أربعون ألفاً من رجال الأمن وأن الأجهزة الأمنية المستنفرة لتقديم الخدمات لحجاج بيت الله وحفظ الأمن في الأماكن المقدسة وتأمين سلامة الحجاج والمعتمرين باستخدام تقنيات متطورة وتجهيزات حديثة وخطط أمنية يقوم على تنفيذها ما مجموعه خمسة وتسعون ألفاً من رجال الأمن، إضافة إلى القوات المساندة لهم من وزارة الدفاع ووزارة الحرس الوطني ورئاسة الاستخبارات العامة، هذا يعني أكثر أن بعض الذين يفكرون بتجريب التخريب سيلقون الأمن لهم بالمرصاد. إن الشعائر هي ملك للمسلمين، وليست ضمن إطار سياسي، وعلى الأيديولوجيات التي تسيّس كل شيء، أن تراجع نفسها، إن أسوأ آخر حيل بعض الأيديولوجيات سواء كانت في أحزاب أو جماعات أو سواها، أن تفكر بربط الشعائر المقدسة بالنسبة للمسلمين بمنظومة المشروع السياسي، في محاولة منها لتحويل الأماكن الساكنة بهدوء العبادة، والمسترخية بحمائم السلم إلى مناطق صراع، فشلت إيران في سنة 1987 وعلمتْ جيداً أن السعودية لا تحمي أرضها وأمنها القومي فقط، وإنما تحمي ملايين الحجاج الذين يمثّلون ملياراً ونصف المليار من المسلمين الذين يعتبرون هذا الموسم مقدّساً ويعتبرون المساس به إنما هو انتهاك للشهر الحرام والبلد الحرام الذي جعله الله آمناً للناس والحج، والسعودية بكل إمكانياتها تعمل على مدى أحد عشر شهراً من أجل هذه الأيام التي يأتي بها الحجاج لأداء المناسك. إن المشكلة الكبرى التي يحاول البعض نسيانها الغفلة عن البعد السلمي في الشعائر الدينية، فيرفعون شعارات أو يتحدثون بأفكار سياسية وسط الأماكن التي وضعت في الإسلام للإنسان ليرسم علاقته بربه، كل ذلك يأتي ضمن إدارة عاطفية محاولين بلبلة الأمن ومحاولة للظفر بثغرة من أجل إصدار شغب، غير أن هذا الأسلوب بات قديماً، ولم يعد يجدي، ولئن حاول أحد تعكير الصفو فإن عدة الأمن التي تحمي الحاج على أهبة الاستعداد بالتأكيد.