سما يوسف الاختلاف في الرأي أمر طبيعي جدًا؛ فكل شخص يمتلك وجهة نظر تختلف عن باقي الأشخاص؛ فهم يُدركون تمام الإدراك أنّ الناس لا بد أن يختلفوا، ويؤمنون بكل يقين أنه (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ). والاختلاف شيء إيجابي يعين على النقاش والحوار واستجلاء نتائج جديدة، كما أنه يفضي إلى الإفادة من تجارب الآخرين والتعرف على الخبرة التي اكتسبوها نتيجة التعرض لعديد من المواقف والتجارب الحياتية. ولكن في الوقت الحالي تحول الحوار إلى جدال خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح من يحمل وجهة نظر مختلفة غير مرغوب فيه، ويتهم في وطنيته، ويصنف «طائفياً»، وبات كل شخص يحاول إثبات صحة وجهة نظرة دون أن يستمع لوجهة النظر الأخرى. إن الاختلاف لا يعني «أنا ضدك أو أكرهك أو أحتقر عقلك ورأيك»، ولا يبيح لك أن تصادر عـليَّ رأيي وأن تتهكم بي. وإنه لمؤسف أن تشـيع نبرة التنابذ والمهاترات في لغة حوار الاختلاف بين أهل الثقافة! ترى هل أصبحت العقول متحجرة غير قابلة لتغيير المفاهيم الخاطئة؟ وهل افتقد المنبر الثقافي أهل العقول المنفتحة التي تتفهم الأمور؟ إن إشكاليات الرأي والرأي الآخر ومساجلات ومناقشات الاختلاف التي تحدث بشكل يومي بين الأصدقاء وزملاء العمل وأفراد الأسرة الواحدة تتفاقم وتصل إلى مشادات ومشاجرات تفتقر إلى الوعي بآداب الحوار والاختلاف، وهذا الوعي بثقافة الحوار والاختلاف مسؤولية الأسرة والمدرسة والجامعة ومنابر الإعلام والمؤسسات الثقافية.