عندما نبحث عن تعريف شامل للعلاقات الدولية، فإننا لن نجد أفضل من تعريف يقول: «هي علم يُلاحَظ ويُحلَّل بهدف التفسير والتنبؤ لسير العلاقات بين الدول».. كما تُعَرَّف أيضًا بأنها «دراسة التفاعلات بين أصناف محددة من التباينات الاجتماعية، وتشمل أيضًا دراسة الظروف المناسبة التي تحيط بهذه التفاعلات». لكنَّ كثيرًا من الذين يجتهدون في تحليل وتفسير العلاقة بين دولة وأخرى يخطئون في التقدير، فالعلاقات الدولية لا يمكن أن ترتبط بقاعدة معينة، فقد تبدلها الظروف، وتُشكلها المواقف. هناك مَن أخفق في تحديد العلاقة التي تربط المملكة بالشقيقة مصر، من الذين كدّرتهم العلاقة القوية بين القيادتين والشعبين، وكدرهم استتباب الأمن في ربوعهما، من القائمين على بعض القنوات الفضائية، والصحف الصفراء المُمَولة من قِبَل قوى معادية، لكنهم اصطدموا بوجود قيادتين حكيمتين تدركان حقيقة ما يُدبّر لهما في الخفاء. العلاقة الوطيدة بين المملكة ومصر وضع أساسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -يرحمه الله- خلال زيارته لمصر عام 1946، وكأنه -رحمه الله- كان يستشرف المستقبل عندما خطب قائلاً: «كلانا -الحمد لله- موقن بأن القوة في وحدة الكلمة، وأن الأخ هو درع لأخيه، فإن تآخينا من شأنه أن يوثق عرى التآخي بين شعبينا، وما شك أحدنا في أن مصلحة البلدين تقضي بوحدة اتّجاهها السياسي، ووحدة السبيل الذي يسلكانه في منهجهما، ذلك مبدأنا، ومبدأ شعبنا يتوارثه الأبناء، وتبقى -إن شاء الله- مدى الدهر بهذه الروح». تتغيّر القيادات، لكنْ لا تتغيّر مواقف المملكة الثابتة، تسير على خطى سياسة الموحّد الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- وتوصيته بمصر وأهلها، ولذلك جاء تأكيد الملك سلمان بن عبدالعزيز المطمئن للرئيس السيسي حول وقوف المملكة إلى جانب حكومة وشعب مصر، لافتًا إلى أن موقف المملكة تجاه مصر واستقرارها ثابت لا يتغيّر، وأن العلاقة أكبر من أي محاولة لتعكير العلاقات المميّزة والراسخة بين البلدين الشقيقين. فالملك سلمان الذي تطوّع للدفاع عن مصر أثناء العدوان الثلاثي، وظهر يومها بالبزّة العسكرية، معتمرًا القبّعة، وحاملاً للسلاح، لا يمكن أن يدير ظهره لها، وتظل مصر عزيزة عليه أرضًا وشعبًا، ولن يلتفت إلى صراخ المرجفين، وكيد الكائدين. إعلان الملك سلمان على «أن ما يربط المملكة وشقيقتها مصر نموذجٌ يُحتذى به في العلاقات الإستراتيجية والمصير المشترك» أعتقد أنه ردٌّ كافٍ على تلك الأفواه التي تحدّثت، والأقلام التي كتبت، وتنبّأت عن وجود خلاف بين البلدين، وما عليهم إلاَّ أن يراجعوا تاريخ العلاقة القوية بين البلدين، والتي بناها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود عام 1946 وحتى اليوم، ليجدوا أن أمامهم أسوارًا من حديد يصعب اختراقها في ظل قيادتين واعيتين. hnalharby@gmail.com