على رغم أن جازان هي مسقط رأس عدد كبير من العلماء والأدباء والمفكرين السعوديين، إلّا أنها كانت تجد صعوبة كبيرة في أن تقنعهم بالبقاء بين أحضانها. فقد كانت كأمٍ تحاول أن تقنع أبناءها الطموحين بالبقاء، خوفاً من فقد تعلم أنه قادمٌ لا محالة. فتارة تحاول أن تغريهم بمنظر غروب الشمس على شواطئها، وتارة بترابها المعطر بالريحان، بسمك الحريد، ببياض الفلّ، وبشعور بالدفء تعلم أنّهم لن يجدوه سوى بين أحضانها. لكنهم كانوا انتهوا من حزم حقائبهم، حاملين أحلامهم الكبيرة على متن ما يسميه الشاعر الجازاني عيسى جرابا «زورق الأمل» الذي يحمل المبدعين من أبناء المنطقة نحو مستقبل أفضل. لذلك كان دوماً حلم المدينة أن تحتضن كلية أخرى بجانب كلية التربية، لتغري بعضاً من أبنائها ممّن لم يركبوا «زورق الأمل» بعد، بالبقاء. لذلك لا يمكن أن ينسى أهالي جازان زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله للمنطقة، حين أمر بإنشاء جامعة في جازان، قبل أن يضع حجر أساسها في عام 2006. واليوم تشارك الجامعة بفعالية في التحضيرات الجارية لتنظيم منتدى جازان الاقتصادي، باعتبارها شريكاً في النجاح للمشاريع التنموية الواعدة في جازان. وتضم الجامعة 22 كلية للبنين ومثلها للبنات، إضافة إلى تسع عمادات مساندة، وأكثر من مائة قسم وتخصص في كل من الهندسة والطب والحاسب الآلي ونظم المعلومات والآداب والقانون والترجمة والصيدلة، والتصاميم المعمارية، بجانب الإدارة والعلوم التطبيقية، وغيرها من الكليات في محافظات المنطقة كافة. يضاف إلى ذلك التعليم عن بعد، والذي افتتح قبل أربع سنوات في تخصصات الصحافة والإعلام واللغة العربية والإنكليزية كأحدث وسائل التعليم على مستوى المملكة. وبحسب الإحصاءات الأخيرة التي جمعتها جامعة جازان، فقد خُصص للمدينة الجامعية موقع كبير بلغت مساحته 9,000,000 متر مربع، يطل على ساحل البحر الأحمر شمال مدينة جازان، وتضم كليات وإسكاناً ومستشفى جامعي، وفندقاً للمرحلة الأولى من المشاريع المنجزة. وأعطى موقع الجامعة على شاطئ البحر الأحمر جمالية للجامعة، ما يجعل مبنى جامعة جازان بين أجمل مباني الجامعات السعودية. أما في المشاريع الأخرى قيد التنفيذ، فتتمثل في كليات للبنين والبنات، وسكن للعزاب وآخرٌ لأعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى برج الإدارة العملاق، المكون من 18 طابقاً، والمستشفى الجامعي بسعة 800 سرير. بينما يأمل الأهالي بأن يسهم المستشفى في أن يلبي حاجات الأهالي، الذي يضطر بعضهم للسفر إلى خارج المنطقة، بحثاً عن العلاج في المستشفيات الأخرى. وتعتبر المدينة الجامعية نافذة لأبناء المنطقة إلى العديد من الفرص، ودافعاً يحث المبدعين على البقاء في جازان. فجانب خدمتها العملية والتعليمية، فإنها توفر أجواء مثالية لأعضاء هيئة التدريس والطلاب، إذ تقع على ضفاف البحر الأحمر ما يعطيها جمالاً أخاذاً يزيد من جمال تصميمها. وتشكل زيارات الباحثين والأكاديميين من المملكة وخارجها للجامعة، رافداً لاكتساب المعرفة عن المنطقة وتبادل الخبرات، كما أن اتفاقات عدة أبرمت لابتعاث الطلاب والطالبات من الجامعة إلى عدد من الجامعات الشهيرة في دول أوروبا وأميركا وآسيا وأستراليا. وفي حين تتواصل التحضيرات لمنتدى جازان الاقتصادي، فقد كان للجامعة دور بارز في التحضير لاستضافته. إذ قدمت الجامعة عشرات من الطلاب والطالبات المتطوعين، الذي سيكون لهم دور بارز في التحضير، بجانب تخصيص قاعاتها ومبانيها لاستضافة عدد من الفعاليات والورش التحضيرية للمنتدى.