بغض النظر عن الأوضاع التي تسود سوق العمل، من الصعب دائما عليك أن تجعل سيرتك الذاتية مميزة عن العشرات من نظيراتها. وثمة إغراء يدفعك لتجميلها بكلمات مزخرفة من قبيل الاستفادة من أو إضفاء الطابع الديمقراطي على، لكي يجعل كل منا من نفسه شخصا مهما. لكن على الرغم من ذلك، يتعين علينا أن ننتبه إلى أن كلمات مثل هذه، ربما تكون في نظر القائمين على عملية التوظيف ليست سوى إشارة واضحة توحي بالخطر. ولذا، توجهنا لموقع كورا للأسئلة والأجوبة، للتعرف على أكثر المفردات التي ترد في السير الذاتية ولا تضيف معنى أو فائدة. وفي السطور التالية، نستعرض ما قاله مستخدمو الموقع في هذا الشأن. حديث واقعي كتبت أنغلا ليو تقول: باعتباري أحد المسؤولين عن عملية التوظيف، وممن يتصفحون بسرعة أعدادا كبيرة من السير الذاتية، فإن ما خلصت إليه في هذا الشأن هو أنه إذا كان يتعين علينا (كمسؤولين عن التوظيف) الانخراط في مسابقة لاحتساء المشروبات الكحولية في كل مرة نرى فيها تلك المفردات التي لا نفضلها؛ مثل الكلمات التافهة التي لا تهدف سوى للحشو؛ وتلك التي تحجب الرؤية عن نظيراتها ذات المغزى، فإنني وغيري من المسؤولين سنصل – في هذه الحالة - إلى مرحلة الثمالة قبل أن ينتصف النهار. وتشمل القائمة التي وضعتها ليو بالكلمات الأقل فائدة في إعداد السيرة الذاتية، المفردات المرتبطة أكثر من غيرها بما يُعرف بـالمهارات الناعمة، وهي تلك المتعلقة بقدرة المرء على التواصل مع الآخرين. ومن بين الكلمات والتعبيرات الواردة في القائمة القدرة على أداء دور كعضو في فريق، وشخص متعدد المهام، وأتعلم بسرعة، وذو مهارات كبيرة في مجال الاتصال مع الآخرين، ولدي القدرة على تحمل المسؤولية، ومتنوع، وحسب ما يطلب مني. وتضيف ليو في مقالها: في وقت باتت فيه أهمية المهارات الناعمة أكثر من أي وقت مضى، سواء كان المرء يعمل في مجال تطوير البرمجيات، أو كمسؤول تنفيذي في مجال تطوير أعمال المؤسسة التي ينتمي إليها، فإننا لسنا بحاجة إلى (المفردات) التي لا تخبرنا بشيء عما يجعلك- أنت - مختلفا عن الآخرين. وتتابع: هذا لا يعني القول إن كل المفردات المنمقة والمزخرفة، أو تلك التي تتحدث عن المهارات الناعمة تتساوى وفق ما يمكن أن نسميه’ مقياس الرتابة ‘أو أنها سيئة إلى حد يجعلها لا يمكن أن توضع في السيرة الذاتية للمرء. وتشير أنغلا ليو إلى أن بمقدور المتقدمين لنيل وظيفة ما إبراز قدراتهم في مجال الذكاء العاطفي، أو القدرة على التواصل مع الآخرين، دون اللجوء إلى الجعجعة والمفردات الرنانة. وتوضح أنه عندما يقوم المرء بذلك، فإن الأمر يصبح أوفر فرصا لأن يحظى بالغفران بل وربما بالإعجاب، لأنك حينها تستمع على الفور (كمسؤول عن عملية التوظيف) إلى الصوت الحقيقي للشخص الباحث عن عمل. ويمكنك عندئذ أن تكتشف شيئا صادقا. وفي هذا الصدد، قدمت ليو الأمثلة التالية على الكيفية التي يمكن للمرء من خلالها أن يبرز قدراته دون ابتذال، كأن يكتب في سيرته الذاتية بشكل مباشر: لقد كنت أعكف على وضع أكواد لبرامج معينة، وفك تلك الأكواد، منذ كنت في التاسعة من عمري. وأهوى اكتشاف الآليات التي تعمل من خلالها الأشياء، وأشعر بالفخر الشديد بالمهنة التي أعمل بها. في الوقت الحاضر، أحب تطوير التطبيقات التي تُستخدم على شبكة الإنترنت، خاصة تلك التي تكمن فيها مهمة أوسع نطاقا. كذلك، أكره أن أقول إنني أتقن عدة لغات، ولكن ذلك ملائم في سياق الحديث عما أستطيع فعله. بوسعي العمل في إطار نظم إلكترونية مختلفة، وأنماط برامج متنوعة، وقضيت وقتا طويلا في تنمية مهاراتي في عدد من المجالات. كن محددا أما الخبيرة الاستشارية في مجال المهن والوظائف، إرين بركري–روفنر، فكتبت تقول إن كلمة متنوع التي يصف البعض نفسه بها هي أكثر صفة عديمة الفائدة يمكن استخدامها في أي سيرة ذاتية. بالأساس، تتلخص (هذه المفردة) في أنها لا تضيف شيئا جديدا بشأن ما يليها من كلمات. وتضيف بركري–روفنر أن لفظة متنوع تحل- في كل الأمثلة تقريبا التي أستطيع أن أفكر فيها - محل كلمة ’مختلف‘. ويستخدمها الناس للتفرقة ما بين المشروعات المنفصلة التي عملوا فيها أو المهام التي أدوها. وتنصح الخبيرة الاستشارية هنا بحذف مثل هذه المفردة تماما، وتضيف بالقول مُخاطبة المتقدم بسيرته الذاتية: إما أن تخبرني بعدد المشروعات التي عملت فيها، أو بطبيعة هذه المشروعات. ولكن إذا ما قلت فقط’ مشروعات متنوعة ‘فيجدر بك في هذه الحالة أن تضيف إلى هذه العبارة الكثير من الأوصاف المتعلقة بتلك المشروعات. وعلى غرار ذلك، يتعين على المرء تجنب استخدام كلمة جداً، كما ينصح جيم برويلز، الذي يقول إنه يجب حظر استخدام كلمة’ جدا‘ في إعداد السير الذاتية، أو في أي شكل من أشكال الاتصالات المهنية. فهذه الكلمة لا تضيف شيئا إلى الرسالة، ولا تفضي سوى لإبراز ولع مستخدمها بالمبالغة. تجنب الغرور من المهم أن يسعى المرء لتسويق مهاراته وقدراته، ولكن بعض المفردات والتعبيرات المستخدمة في هذا الصدد تبدو مفعمة بالغرور والغطرسة. ومن بين هذه التعبيرات: صاحب رؤية متبصرة، وخبير، وذو نظرة مستقبلية، وصاحب عقل مدبر وموجه، عازم على تحقيق النجاح، وعنصر فعال في تحقيق التغيير والتحديث. وفي هذا الصدد، إذا أخذنا تعبير صاحب رؤية متبصرة، على سبيل المثال، فعلينا هنا أن نتساءل – كما يقول بروليز- : صاحب رؤية متبصرة بالنسبة إلى ماذا؟. ويضيف الرجل بالقول إن ذلك ليس إلا تعبيرا وصفيا يجسد غطرسة ساذجة. تجنب استخدام مفردات التعاون والتضافر كثيرا يرى بريان هينسي أحد المشاركين على موقع كورا أنه لا طائل من وراء استخدام تعبير التعاون والتضافر بين العناصر أو الجهات المختلفة ومشتقاته، قائلا إن مثل هذه التعبيرات ترسم مشاعر الإحباط على وجهه. ويضيف هينسي بالقول إن مثل هذا التعبير كان بحق تعبيرا رنانا قبل نحو 10 سنوات من الآن، إذ كان يتنامى إلى مسامعي على الأغلب في جلسات الشراب المتباهية، وفي الاتفاقيات التجارية. ثم وجدت هذا التعبير يقفز أمامي تقريبا في كل سياق بمختلف السير الذاتية التي أطالعها. وهنا يورد هينسي بعض الأمثلة على التعبيرات التي يرى أن على المرء تجنب استخدامها في هذا الصدد عند كتابة سيرته الذاتية، مثل: - يُطلب مني دائما تولي مسؤولية تفعيل وتشغيل الموارد المختلفة للإدارة على نحو متضافر. - دائما ما أنجز توجيهات الشركة على نحو يراعي تناغمها وتفاعلها مع بعضها البعض. - أتولى مهمة تطوير مفهوم التفاعل والتعاون بين كل الموظفين، وإدارة هذا المفهوم وغرسه في نفوسهم. ويضيف هينسي أنه صار يرى مثل هذا التعبير: حتى في السير الذاتية المُقدمة للحصول على فرصة عمل متواضعة في المطاعم وفي تقديم خدمات الضيافة. لقد باتت (كلمة) مبتذلة على نحو صارخ. كن مواكبا للعصر من جهته، كتب نِد هورفاث يقول إن تعبير حلال المشاكل هو أحد التعبيرات التي يطالعها للأسف على الأغلب في السير الذاتية للأشخاص الأكثر تقدما في السن. ويبدو هذا التعبير وكأنه مصطلح يفيد أن’ مهاراتي عفا عليها الزمن، ولكنني رأيت الكثير من الأمور، ولا يزال بوسعي أن يكون لي إسهام (ولكن) بشكل عام‘. ومضى هورفاث يقول : ليس هناك ما هو أكثر الآن من مصادر التعلم الذاتي المجانية، أو زهيدة الثمن، المتاحة على شبكة الإنترنت، كما أن هناك مجموعات دعم مشترك في كل مكان. فلتكن مواكبا لعصرك، ولتدع مفهوما مثل مفهوم’ حلال المشاكل‘ يتضح عبر القصص التي تحتوي عليها سيرتك الذاتية. يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.