إنشاء مجلس للشؤون السياسية والأمنية ومجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية، جعل هناك حالة من التفاؤل في معالجة بعض الاشكالات الملفات الشائكة، بأساليب مختلفة عن الأساليب القديمة التي لم تسهم في حل تلك الإشكالات سابقا. من وجهة نظري أن أحد أهم الملفات، التي تمثل خطرا كبيرا - يجب التصدي له بكل قوة وحزم من قبل كل مجلس كمهمة وطنية تدخل في نطاق كل المجلسين - هو ملف الحوادث المرورية كخطر أمني تعنى به أجهزة وزارة الداخلية بالأساس، وكخطر اقتصادي إذ أن يقع في المتوسط نصف مليون حادث مروري في شوارع المملكة كل سنة، تقدر خسائرها المالية بنحو 13 مليار ريال كل عام، وهذا الأمر يهون عند معلومة أن 30 % من حالات التنويم في المستشفيات هي نتيجة للحوادث المرورية، وهي النسبة الأعلى في العالم، كما أن حوادث المرور تمثل خطرا تنمويا، تعنى به عدة جهات ومن بينها مثلا التعليم الذي لو كان أفضل وأكثر أثرا في توعية الطلاب لما شاهدنا هذا الضعف الشديد في الوعي بالسلامة المرورية في مجتمعنا. * إلى متى والمملكة الأولى عالميا في الحوادث المرورية بوفاة شخص كل ساعة، وإصابة أو إعاقة شخص كل دقيقة، هل يعقل أن تبقى "الدولة" عاجزة عن مواجهة خطر الحوادث، وهي التي نجحت بكل اقتدار في مواجهة الارهاب أمنيا؟ * من المؤمل من المجلسين وضع هدف صارم، أسوة بدول أخرى وضعت هدفا استراتيجيا تنمويا لها بان يكون عدد وفيات الحوادث المرورية صفر % !، وبالنسبة للمملكة يمكن أن يكون الهدف مثلا تقليص عدد الحوادث المرورية بنسبة 50 خلال سنتين، من خلال تبني خطط وبرامج وطنية شاملة وفعالة لوقف هذا النزيف المستمر تتجاوز بكثير كاميرات ساهر، والذي سبق لي الإشادة به كفكرة مع ملاحظات على التطبيق تزداد مع الوقت بدلا أن تنقص وتنقص معها أعداد الحوادث. هذه الخطط والبرامج تبدأ من المدرسة والمسجد والمنزل والإعلام، وتنتهي بوضع من يكرر المخالفات، او من يقود بتهور فورا في السجن لعدة ايام في المرة الاولى تتضاعف في حال تكرار ارتكاب جريمة القيادة بتهور، ومصادرة مركباتهم بكل جدية، وحزم كائنا من كان هذا المتهور فحياة الناس يجب عدم الاستهتار بها، مادام المتهور لا تهمه حياته!