بريشتينا- لندن: «الشرق الأوسط» أحيت كوسوفو أمس الذكرى السابعة لاستقلالها عن صربيا، لكن بطريقة متواضعة جدا، بسبب تداعيات التوترات السياسية الأخيرة والأزمة الاقتصادية التي دفعت آلاف الشبان إلى الهجرة نحو أوروبا الغربية بحثا عن حياة أفضل. وخلافا للحماسة التي سادت الاحتفالات السابقة أو العروض العسكرية، فإن الأجواء كانت قاتمة هذه السنة في وسط العاصمة بريشتينا التي خلت شوارعها الرئيسية من الأعلام الوطنية. وقالت بلدية بريشتينا في بيان: «جو الخيبة هذا ونزوح المواطنين لا يترك مجالا كبيرا للاحتفال»، مبررة بذلك قرارها عدم تزيين العاصمة. وفي السابق كانت تنظم عروض عسكرية في مناسبة إحياء ذكرى الاستقلال ويحضرها آلاف الأشخاص. والحدث الوحيد الرسمي في هذه المناسبة هو عقد جلسة برلمانية خاصة. وقال المتحدث باسم حكومة كوسوفو اربان ابرشي للصحافيين إن الاحتفالات هذه السنة «متواضعة» بسبب التحديات التي تواجه البلاد. والحكومة الجديدة التي شكلت في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد 6 أشهر من المداولات وأزمة سياسية، واجهت في نهاية يناير (كانون الثاني) مظاهرات عنيفة نظمتها المعارضة أوقعت عشرات الجرحى في بريشتينا. وبعد هذه التوترات غادر كثير من مواطني كوسوفو نحو دول الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس غرفة التجارة المحلية صفوت غورجاليو: «ليس هناك من سبب لتمجيد هذه الذكرى أو للتعالي. يجب أن نحني رؤوسنا ونبدأ العمل». وأضاف: «البرنامج السياسي كان مهيمنا لفترة طويلة بينما تم تجاهل النمو الاقتصادي». وتسارعت هجرة مواطني كوسوفو هذا الشتاء في بلد به 1.8 مليون نسمة ويعيش نحو نصف سكانه (40 في المائة) تحت عتبة الفقر. وغادر أكثر من 20 ألف شخص من سكان كوسوفو بلادهم منذ مطلع السنة بحسب أرقام السلطات المجرية والألمانية والنمساوية. وكوسوفو الإقليم الصربي السابق الذي تقيم فيه غالبية ألبانية، أعلن استقلاله من جانب واحد في 17 فبراير (شباط) 2008 واعترفت به حتى الآن مائة دولة، بينها الولايات المتحدة وغالبية دول الاتحاد الأوروبي. ورغم تحسن علاقاتها مع كوسوفو في الآونة الأخيرة برعاية الاتحاد الأوروبي، ترفض صربيا الاعتراف باستقلال كوسوفو مثلها مثل روسيا، حليفتها التقليدية. وتضاعف التبادل بين بلغراد وبريشتينا منذ إبرام اتفاق في 2013 لتطبيع العلاقات الثنائية التي يرعاها الاتحاد الأوروبي. وفي كوسوفو وضع قصف جوي لحلف شمال الأطلسي في ربيع 1999 حدا للنزاع بين الانفصاليين الكوسوفيين وقوات بلغراد (1988 - 1989)، وأدى إلى انسحابها من هذا الإقليم. ومن أصل 120 ألف صربي ظلوا في كوسوفو يعيش 40 ألفا في المنطقة الشمالية القريبة من صربيا و80 ألفا في جيوب موزعة في الأراضي التي يقيم فيها ألبان. وفي منتصف يناير الماضي زار رئيس الحكومة الصربية ألكسندر فوسيتش أبناء المجموعة الصربية في كوسوفو ووجّه رسالة سلام إلى الغالبية الألبانية، كما قام رئيس الوزراء الألباني إيدي راما بزيارة تاريخية إلى بريشيفو معقل الأقلية الألبانية في صربيا بعد زيارة قام بها إلى بلغراد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.