نقرة: «الشرق الأوسط» بدأ البرلمان التركي أمس مناقشة مشروع قانون جديد تقول المعارضة إنه يهدف إلى الحد من الحريات العامة ومن شأنه تحويل البلاد إلى «دولة بوليسية»، بسبب الصلاحيات التي يمنحها المشروع لقوى الأمن والاستخبارات التركية في مواجهة المتظاهرين، فيما استمر النقاش الداخلي التركي حول «القصر الأبيض» الذي انتقل إليه إردوغان، والذي تبلغ فاتورة الكهرباء الشهرية الخاصة به نحو 500 ألف دولار، لم تدفعها دوائر القصر بالكامل، مما يهدد القصر بالعتمة «إذا ما وجد موظف شجاع يقطع الكهرباء»، كما قال نائب معارض أمس. ويتركز النقاش في البرلمان التركي على مواد محددة من «الحزمة الأمنية» التي أجلت الحكومة تقديمها للمناقشة مرتين، والتي سميت بـ«حزمة الأمن الداخلي». وقالت مصادر في المعارضة التركية إن النقاش سيتركز على ثماني مواد أساسية أبرزها إعطاء صلاحيات مطلقة للشرطة في إيقاف أي شخص وتفتيشه دون الرجوع إلى القضاء، والحق بتوقيف أي مشتبه به حتى 48 ساعة من دون الرجوع للقضاء، بالإضافة إلى إعطاء القوى الأمنية حق إبعاد أو ترحيل أي مواطن إلى منطقة أخرى، والسماح لقوى الأمن باستخدام الأسلحة النارية إذا كان هناك متظاهرون يلقون قنابل مولوتوف. كما ينص القانون على رفع عقوبة استخدام الطابات الحديدية في المقلاع وإعطاء صلاحيات مطلقة لحكام الولايات وقائمقام البلدات بأحقية وضع اليد على أموال خاصة، وأخيرا إعطاء الاستخبارات الحق في التنصت بداعي الوقاية على من تشتبه به. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن الهدف من مشروع قانون الأمن الداخلي هو «حماية الحريات في تركيا، وتفويت الفرصة على كل محرض يرمي لزعزعة الاستقرار». وأضاف داود أوغلو في كلمته - خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في ولاية أوردو، شمال تركيا - أن مشروع القانون؛ ينص على حظر استخدام الزجاجات الحارقة (مولوتوف)، خلال المظاهرات والتجمعات، موضحا أن القانون سيمنع أي شخص يحمل هذه الزجاجات من التسلل إلى أي حشد يقوم بمسيرة احتجاجية أو مظاهرة. وخاطب داود أوغلو زعماء المعارضة التركية «الذين يقولون إن حزمة القوانين الجديدة ستقيد الحريات» قائلا «كليتشدار أوغلو (زعيم حزب الشعب الجمهوري)، باهجه لي (زعيم حزب الحركة القومية)، دميرطاش (زعيم حزب الشعوب الديمقراطي)، أخبرونا ما الذي يزعجكم في هذه الحزمة.. ولكن إن كنتم تتحركون بتعليمات صادرة من بنسلفانيا (في إشارة إلى فتح الله غولن المقيم في الولاية الأميركية، والذي تتهمه الحكومة بتزعم الكيان الموازي)، فالأمر يعود لكم». وحذر داود أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري من التحريض حال مشاركته في أي تجمع أو مظاهرة، مشيرا إلى أن القوانين المرعية ستطبق عليه أيضا. وقال «لن ندع شوارع البلاد بعد اليوم للمخربين والإرهابيين، لا يُخفينّ أحد وجهه بالأقنعة، ويلجأ للعنف، وينزل إلى الشوارع حاملا الزجاجات الحارقة، أو السكاكين، أو المقالع، أو غيرها من الأدوات». ويُمَكّن المشروع الجديد الشرطة التركية من تفتيش الأشخاص المشتبه بهم، بعد الحصول على إذن مكتوب في الأوقات العادية، وعلى إذن شفهي في الحالات العاجلة، من الضابطة القضائية، فيما يمنع المشاركون في التجمعات أو المظاهرات من «إطلاق الألعاب النارية، وإلقاء الزجاجات الحارقة، والأدوات المعدنية والحجارة». ويسمح مشروع القانون الجديد للشرطة باستخدام قوة السلاح في مواجهة الأشخاص الذين يهاجمون المدارس، والمباني العامة، وأماكن العبادة، باستخدام الزجاجات الحارقة، والمواد المتفجرة، أو القابلة للاشتعال، أو التي تسبب اختناقات، أو باستعمال الأدوات الحادة. كما يعاقب المشروع الجديد الأشخاص الذين يغطون وجوههم كليا أو جزئيا بهدف إخفاء هويتهم - ضمن المسيرات أو المظاهرات التي تقام؛ من أجل الدعاية للمنظمات الإرهابية - بالسجن لمدد تصل إلى 5 سنوات. إلى ذلك، قال علي دميرتشالي، نائب الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، إن فاتورة الكهرباء الشهرية لقصر رئاسة الجمهورية «القصر الأبيض» بلغت مليونا و140 ألف ليرة تركية (نحو 500 ألف دولار)، وإن هناك رسوم تأخير بلغت 106 آلاف ليرة. وأضاف دميرتشالي «أبحث عن موظف شجاع يقوم بقطع الكهرباء عن القصر وينقذ المواطن من هذا البلاء». وأعلن دميرتشالي، نائب الحزب عن مدينة أضنة جنوب تركيا، في تصريحات حول رسوم استهلاك الكهرباء داخل قصر رئاسة الجمهورية المعروف باسم «القصر الأبيض»، أنه حصل على فاتورة الكهرباء لقصر الرئيس رجب طيب إردوغان، وأعلن عن تفاصيل فاتورة شهر يناير (كانون الثاني) 2015. كما لفت إلى أنه سيعرض هذا الموضوع على البرلمان التركي لمناقشته. وقال دميرتشالي إن رسوم فاتورة الكهرباء لقصر رئاسة الجمهورية في الفترة ما بين 18 ديسمبر (كانون الأول) 2014 و21 يناير (كانون الثاني) الماضي بلغت مليونا و140 ألفا و567 ليرة تركية. وأضاف «موعد سداد الفاتورة هو 18 فبراير (شباط) 2015. ومن اللافت في الفاتورة أن هناك ديونا متبقية من الشهر الماضي بقيمة 106 آلاف و770 ليرة أيضا. وإذا لم يتم دفع هذا الدين سيتم قطع الكهرباء. وهذا يشير إلى أن القصر لم يكن صادقا في سداد دينه أو أن الفاتورة ضخمة لدرجة أنه لم يتم دفعها. لذلك أبحث عن موظف شجاع يقوم بقطع الكهرباء عن القصر وينقذ المواطن من هذا البلاء»، على حد تعبيره. وأوضح دميرتشالي أن هذا القصر الذي زادت فاتورة الكهرباء الخاصة به على مليون ليرة عبارة عن مؤشر يظهر للرأي العام عقلية حزب العدالة والتنمية ونظرته للمجتمع. وأضاف أن «تصريحات مسؤولي الحكومة بأن القصر ما هو إلا مقر يمثل الدولة من أجل إخفاء تكاليفه ومصروفاته وإظهارها على أنها قليلة لهي أمر يدعو للضحك والسخرية. إلا أنني أرى أن هذا القصر يمثل الإسراف والولع بالسلطنة والجاه والخوف الموجود بين الجدران العالية».