×
محافظة المنطقة الشرقية

الشركات الماليزية تعرض منتجاتها بالرياض الأحد المقبل

صورة الخبر

إذا لم تكن الأخبار قد نمت إلى مسامعك، أريد إخبارك أننا أصبحنا على مشارف إقرار السلام بالشرق الأوسط. وأدرك تماما أن الأمر لا يبدو كذلك من العناوين، مثل تلك التي تتحدث عن سقوط الحكومة في اليمن، وتهديد قوات «داعش» لقوات البحرية الأميركية في محافظة الأنبار العراقية، وتعهد «حزب الله» بالانتقام من إسرائيل لقتلها نجل أحد سفاحيهم. هناك أيضا إيران، فبعد مرور 36 عاما على الثورة هناك، بدأ الجليد أخيرا يذوب بين الملالي والشيطان الأكبر. وذكرت «وول ستريت جورنال»، الجمعة، أن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بعث مؤخرا بخطاب للرئيس باراك أوباما أبدى خلاله انفتاحه على الدخول في تحالف مباشر ضد «داعش»، إذا تمكنت المفاوضات من التوصل إلى اتفاق بخصوص البرنامج النووي الإيراني. كما عقد وزير الخارجية جون كيري اجتماعات مع نظيره الإيراني جواد ظريف. ويثير هذا النمط من الأنباء عن وجود اجتماعات واتصالات وقنوات، فضول واهتمام متابعي الشأن الإيراني. على مدار السنوات، بعثت إيران سلسلة من المبعوثين لمقابلة غربيين لشرح أن الحرب التي تشنها بلادهم ضد الولايات المتحدة وإسرائيل والأنظمة الملكية في المنطقة والأقليات العرقية والصحافيين والمنشقين، ليست سوى سوء تفاهم كبير، وأنهم في أعماقهم لا يرغب كثير من القادة الإيرانيين سوى السلام، حسبما يؤكد هؤلاء المبعوثون، لكن الحال تنتهي دوما بتقويضهم من جانب المتشددين. الآن، نجد أن أكثر المتشددين تشددا، المرشد الأعلى شخصيا، يتحدث عن السلام أيضا، بل ويقترح الدخول في تحالف ضد عدو مشترك. وربما في غضون بضعة أيام يقود مظاهرة تردد «الحياة لأميركا»! ولا شك أن كل هذه مؤشرات مغرية، وينبغي توحيد مصالح الدولتين في الحرب ضد الإرهاب التي بدأت بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001. المعروف أن الإسلاميين من أعضاء «القاعدة» و«داعش» يعتبرون الشيعة الذين يحكمون إيران بعيدين عن الدين الصحيح. وقد حاربتهم إيران في سوريا، وتقاتلهم الآن في العراق، بيد أنه قبل إعلان الرئيس الإيراني «غورباتشوف جيله»، من المهم إمعان النظر في بعض الأنباء السلبية، ولنبدأ بالعلاقات الانتهازية القائمة منذ سنوات بين إيران و«القاعدة»، رغم اتهامات الردة. منذ عام، كشفت وزارة الخزانة عن كثير من المعلومات بهذا الصدد في تقرير حول تنظيم «القاعدة» داخل إيران، وجرى السماح لعملاء إرهابيين متمركزين بمدينة مشهد، قرب الحدود الإيرانية مع أفغانستان، بتيسير نقل مقاتلي «القاعدة» من باكستان إلى سوريا عبر الأراضي الإيرانية. بعد 11 سبتمبر، أبرم أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري اتفاقا مع فيالق الحرس الثوري للسماح لأفراد أسرتيهما بالعيش في إيران أثناء انتقالهما من أفغانستان إلى باكستان، كما شكلت إيران قاعدة محورية خلال العقد الماضي لعملاء تابعين لـ«القاعدة» مثل سيف العدل، الذي أبقي في ظل إقامة جبرية مهلهلة مكنته من كتابة عمود شبه منتظم عبر شبكة الإنترنت وساعدته في التخطيط لحرب «القاعدة» ضد الحكومة العراقية. وبالطبع من المعروف أن العلاقات الانتهازية يمكن أن تتغير. مثلا، كان فرانكلين دي. روزفلت وستالين حلفاء ضد النازية، لكن بعد انهيار الرايخ الثالث اشتعلت «الحرب الباردة» بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. إذن، ما الذي يمنع أن تصبح واشنطن وطهران حليفتين في حرب ضد «داعش»؟ في الواقع، إنهما تعتبران كذلك بالفعل من كثير من الأوجه. لكن المشكلة تكمن في أن إيران تعشق الإرهاب، فمنذ عام 1979 استغلت الإرهاب كأداة في يد الدولة على نحو لم يظهر في أي دولة أخرى. وخلال الشهادة التي أدلى بها أمام اللجنة المنتخبة لشؤون الاستخبارات بمجلس الشيوخ، قال نك راسموسين، رئيس المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، إن إيران و«حزب الله» لا يزالان ملتزمين بتنفيذ نشاطات إرهابية بمختلف أرجاء العالم، ومن جانبنا نشعر بالقلق من أن هذه النشاطات قد تهدد أو تستهدف مصالح أميركية وغربية أخرى. وقد تورط قادة إيرانيون في هجمات إرهابية بأميركا الجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط. واتهمت وزارة العدل عام 2011 إيران بمحاولة قتل السفير السعودي في واشنطن داخل مطعم «كافيه ميلانو» الشهير. وكي تتخلى الجمهورية الإسلامية عن ميلها إلى الإرهاب، فإن هذا يستلزم ثورة ثقافية داخل مؤسستها الدفاعية. والتساؤل هنا: ما الذي ستفعله قوة القدس من دون تفجير السيارات وأعمال الخطف؟ وقد يحتج البعض بأن انتخاب الرئيس حسن روحاني عام 2013، وهو مصلح مفترض، يمثل هذا النمط من التغيير. إلا أنه لا تتوافر أدلة توحي بتحركه نحو تحقيق انفتاح بالمجتمع الإيراني، فلا تزال عمليات إلقاء القبض على المنشقين مستمرة. ورغم أنه كتب رسالة عبر موقع «تويتر» عام 2013 هنأ خلالها بالعام اليهودي الجديد، فإن النظام لا يزال متمسكا بعدائه الشديد للسامية. وفي الرد على مذبحة «شارلي إيبدو» بباريس الشهر الماضي، أعلن مركز ثقافي في إيران على صلة وثيقة بالنظام عن مسابقة للرسوم الكاريكاتيرية المتعلقة بالهولوكوست. ورغم الوعود التي أطلقتها حملة روحاني، لا يزال قادة الحركة الخضراء بالبلاد، والذين خرجوا إلى الشوارع اعتراضا على انتخابات 2009، قيد الإقامة الجبرية أو الاعتقال الوحشي في السجون. وإذا كانت إيران غير مستعدة للتوقف عن إرهاب شعبها، ماذا يدفعنا إذن للاعتقاد بأنها ستتوقف عن إرهاب مواطني أعدائها التاريخيين؟ وهذا بدوره ينقلنا إلى أهم حجة تتعلق بالسبب الذي يجعل من أي تحالف مع إيران بداية لمزيد من الحروب. لقد كانت إيران شريكا للرئيس السوري بشار الأسد، بينما استمرت قواته في ذبح شعبه، ما تسبب في سقوط قتلى تقدر أعدادهم بـ129.000. في اليمن، دفع الحوثيون المدعومين من إيران إدارة أوباما هذا الأسبوع لإغلاق سفارتها ومحطة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في صنعاء، مما أثر بالسلب على حرب بالغة الأهمية يجري شنها ضد فرع «القاعدة» باليمن. كما تهدد الميليشيات المدعومة من إيران في العراق السكان من العرب السنّة، ودفعت كثيرا من الحلفاء المحتملين لأحضان الإرهابيين. وتهدد مشاركة إيران في تحالف ضد «داعش»، رغم ما يبدو عليه الأمر من مظهر إيجابي، بتحويل القتال ضد جماعة إرهابية لحرب إقليمية طائفية دموية. ومن الصعب التعرف تحديدا على نمط الاتفاق الذي قد تتمخض عنه المفاوضات النووية مع إيران في جنيف مع الولايات المتحدة وقوى عظمى أخرى، لكن إذا كان أوباما يؤمن بالفعل بأن بمقدوره شراء تعاون طهران بمجال مكافحة الإرهاب عبر تقديم تنازلات بخصوص برنامجها النووي، فإنه بذلك يقدم لإيران مكافأة كبرى ولا يأخذ سوى القليل للغاية في المقابل. ومن المحتمل كذلك أن تكون رسالة خامنئي قد سقطت في الترجمة، فربما عندما قال المرشد الأعلى إنه يرغب في «السلام» كان يعني بذلك قطعة من اليمن أو العراق أو سوريا أو غزة أو لبنان. * بالاتفاق مع «بلومبيرغ»