الثور لا يحلب وإنما تحلب أنثاه من البقر، ولكن بعض الناس يصرون على حلب الثور حتى بعدما يعلمون علم اليقين أنه ثور لا يحلب، وبناء على ذلك نشأ مثل «شعبي» متداول على نطاق واسع نصه هكذا: نقول لهم ثور، يقولون: احلبوه! وهذا النوع من الناس لا يمكن إقناعه بقانون أو نظام أو حقيقة أو معلومة مؤكدة، ومن العبث محاورته في أي شأن من شؤون الحياة ما دام أنه مصر على حلب الثور. ويضرب المثل عندما يأتي مراجع حاملا معاملة إدارية أو مالية أو فنية طالبا إنهاءها بطريقة غير نظامية فيطلعه الموظف على مواد النظام وأنه لا يمكن له مخالفتها وإلا عرض نفسه للمساءلة، ولكن المراجع الملحاح يستعطفه بقوله: أرجوك ساعدني لا تكن مناعا للخير، فيعيد له الموظف شرح المسألة وأن النظام لا يجوز له أو حتى للوزير المختص تغييره فيستمر المراجع في الإلحاح محتجا بأن النظام ليس قرآنا منزلا من السماء، ضاربا الأمثال بفلان وعلان ونطاط الحيطان من زملاء ذلك الموظف الذين لا يبالون بنظام أو قانون وأنهم يقطعون رأسا ويركبون رأسا، وهنا لا يجد الموظف أمامه سوى استخدام المثل الآنف الذكر: نقول لهم ثور يقولون احلبوه. ومن المؤسف أن جماعة الثور المحلوب قد زاد عددهم في هذا الزمان لأنهم وجدوا أن بعض الموظفين المنفذين للأنظمة يتعاملون معها بتساهل، فإن شاؤوا ضيقوا على صاحب المعاملة حتى يختنق وإن شاؤوا وسعوا عليه اتباعا للهوى، فإذا تمسك زميل لهم بمواد النظام وحاول مساعدة المراجعين بطرائق مشروعة جادلوه ظنا منهم أنه يريد منهم شيئا فإن لم يكن كذلك أكثروا جداله حتى يصاب بالضيق والاكتئاب ويصيح بأعلى صوته: نقول لهم ثور... إلخ. فالله المستعان على حالبي الثيران!!