×
محافظة المنطقة الشرقية

الباحة.. إسلام 7 وافدين «بتوعوي» العقيق

صورة الخبر

في إحدى روايات أحلام مستغانمي، تقول على لسان البطل في يوم الحب لم لا يكون للنسيان يوم كما للحب؟! النسيان يغسل الذاكرة من الأحزان والآلام، ويطهرها من مخزون الحقد والكراهية، ويمحو عن سطحها ما يغشيه من الأسى والحسرة على ما فات، النسيان يحرر الذاكرة من ثقل ما علق بجدرانها من مرارة الخيبات والهزائم، فتعود غضة لينة خفيفة كذاكرة الوليد. ألا يستحق الناس أن يعيشوا يوما، ولو واحدا في كل عام، ينسون فيه المشاعر السلبية التي تختزنها صدورهم ويئنون تحت وطأة ثقلها؟! استوقفتني تأملات بطل الرواية، أعجبني تفكيره في تخصيص يوم للنسيان، لكنه كان يريده يوما خاصا بالعشاق الخائبين في الحب، ينسون عبر ساعاته ودقائقه خيباتهم المريرة!! على وجه الدقة، كان يتوق إلى يوم النسيان لينسى ما يؤلمه من طعنة الخذلان، فاحتفال الناس من حوله بعيد الحب، يفتق جروحه ويجدد ألم الحروق التي أصابته، لذا هو يتمنى لو أن الناس يحتفلون بالنسيان كما يحتفلون بالحب!! كان متحسرا أن الناس، حتى في الحب يقفون إلى جانب الأقوياء وينسون الضعفاء، فالمحبون الذين ما زالوا يعيشون حلاوة حبهم، يجدون من يحتفل معهم ليزيدهم طربا ونشوة، أما من هم مثله يغرقون في الشقاء والبؤس، فلا بواكي لهم!! لا أحد يراهم جديرين بشيء يعينهم على النسيان، لا أحد يحس بحاجتهم إلى صمت الهواتف، وحجب الرسائل، ومحو الأغاني، وتمزيق كل قصائد الحب، ليتمكنوا من رفع راية النسيان وإسبال أهدابها على جدران قلوبهم المتصدعة. كان بطل الرواية يتحدث عن ذاته، مجسدا أمامه هزيمته في حبه، فانحصر تفكيره في مشاعره الخاصة وما يكابده هو من ألم خيبة مريرة يغص بها، انشغاله بحاله جعله لا يرى أن الناس جميعهم في حاجة إلى النسيان، نسيان أمور أخرى كثيرة غير تجارب الحب الخائبة، الناس يحتاجون النسيان لينسوا أحزانهم وهمومهم وما يقع عليهم من كوارث، وما يلحق بهم من إساءات، وما ينحر قلوبهم من غضب وكره وحسد وغيرة، وما ينصبونه فيما بينهم من جدران القطيعة والتباعد، هم في حاجة إلى يوم النسيان هذا ليغسل ذاكرتهم من كل تلك الشوائب، هم في حاجة إلى ذلك قبل أن يجيء يوم الاحتفال بالحب، فالحب لا يمكن الاحتفال به في وجود ذاكرة مثقلة بالأدران تعكر درب الصفو وتحجب رؤية الجمال فيه.