×
محافظة المنطقة الشرقية

عام/ تمديد المهرجان التاسع للزهور والحدائق بينبع

صورة الخبر

تعدّ المخطوطات اليمنية من أكبر مستودعات الذاكرة الإنسانية نظراً إلى قيمتها العلمية والتاريخية، إضافة إلى عددها الكبير المتناثر بين دور المخطوطات العامة والخاصة حول العالم. غير أن عدم الاهتمام بذلك المستودع الكبير، جعل المخطوطات في اليمن تقع بين فكّي الإهمال ومطامع تجار الآثار ومهرّبيها، الذين أخذوا يجوبون بيوت العلم لشراء المخطوطات بأبخس الأثمان. ويتحدّث الباحثون عن المخطوطات اليمنية باعتبارها كنزاً لا يقدّر بثمن، وهو الأمر الذي جعلها محلّ اهتمام باحثين أجانب كثر، أمثال المستشرق الألماني غيرد بوين الذي عمل ثلاث سنوات خبيراً متطوعاً في مجال المخطوطات اليمنية، فعدّد وجمع نحو مليون مخطوطة كانت متناثرة في المكتبات والمراكز والمساجد، أو في حوزة بعض الأفراد داخل اليمن وخارجه. وفي اليمن العديد من نوادر المخطوطات، ومنها المصاحف النادرة التي يعود بعضها إلى القرن الثالث الهجري، وأبرزها مصحف بخط الإمام علي بن أبي طالب (ر). ومن المخطوطات النادرة، مخطوطة تاريخية قديمة هي عبارة عن ‘’رسالة في الطب للعلامة محمد بن عمر بحرق’’، المولود في سيئون بحضرموت والذي أجمع المؤرخون على أنه من أبرز العلماء الراسخين والأئمة المتبحرين. وليس غريباً أن تشاهد رسالة نادرة من الحجاج بن يوسف الثقفي إلى واليه في اليمن معروضة للبيع، من دون أن تستطيع الحكومة اقتناءها، كما قال أحد المسؤولين في وزارة الثقافة لـ»الحياة». وأوضح أن غالبية المخطوطات القيّمة تتسرّب إلى خارج اليمن، نظراً إلى عدم تمكّن الوزارة من شراء الكثير منها عندما يعرضها عليها أصحابها للبيع قبل أن يذهبوا إلى مافيا الآثار والمخطوطات. وتُـعــتبـــــر الـــرقوق القـــرآنية الموجودة في دار المخطوطات في صنعاء، من أقدم النمــاذج في العالم، فتاريخها يراوح ما بين القرنين الأول والرابع الهجريين. أما المخطوطات الورقية، فإن أقدم وأندر مخطوط منها مكتوب بالخط الكوفي عام ٦٦٣ هـ. وفي هذا الموضوع، يقول الأمين العام الأسبق لدار المخطوطات اليمنية عبدالملك المقحفي، إن في اليمن الكثير من المخطوطات الأندر في العالم، مثل مؤلفات الإمام السيوطي الأصلية والتي لا توجد حتى في مصر. كما هناك مخطوطات مهمة كثيرة في «مكتبة الأحقاف» في تريم، إضافة إلى تلك الموجودة في دار المخطوطات في صنعاء والتي تحتوي على أكثر من ٤٠٤٧ مجلداً مخطوطاً في مختلف الفنون والمعارف، فضلاً عن المصوَّرات الفيلمية التي يصل عددها إلى أكثر من ١٥٠٠ مخطوط. غير أن المقحفي يشير إلى أنه في المقابل، لا تزال أهم المخطوطات اليمنية في متاحف الغرب ومكتباته. فمن بين ٦ ملايين مخطوطة عربية في الغرب، كما يحصيها الباحثون، تأتي المخطوطات اليمنية في الصدارة لتحتل أرفف مكتبة الأسكوريال في إسبانيا، ومكتبة لايدن في هولندا، ومكتبة المتحف البريطاني، ومكتبة سانت بيترسبورغ في روسيا، ومكتبة الكونغرس في واشنطن، ومكتبة الفاتيكان، والمكتبة الوطنية في باريس، ومكتبة البودليان في جامعة أكسفورد الإنكليزية. وفي مكتبة أمبروزيانا في ميلانو الإيطالية، ثمة نحو ١٠ آلاف مخطوط يمني، وفي مكتبة الكونغرس نحو ٧٠٠ كتاب مطبوع من الكتب النادرة والنفيسة، وآلاف المخطوطات. كما أحصى الباحث الدكتور حسين العمري في مؤلفه «مصادر التراث اليمني في مكتبة المتحف البريطاني»، نحو ألفي مخطوط. على رغم حالة الإهمال التي واجهت المخطوطات اليمنية، فإنها صمدت في معظمها حتى اليوم، وإن كانت متناثرة في مكتبات العالم. ويفسّر الباحث في المخطوطات اليمنية محمد الهاشمي ذلك بقوله: «سلم اليمن بحمد الله من الكوارث التي أدّت بالتراث الإسلامي إلى الضياع، مثل ما حدث في بغداد على يد هولاكو، وما حدث في القاهرة لمكتبات الفاطميين التي كانت تحوي من التراث الإسلامي الكثير. وقد ساهم أبناء اليمن، بانفتاحهم على الجميع، في الحفاظ على التراث الإسلامي من دون انحياز، وكذلك جعلهم شغفهم بالعلم يرحلون إلى جهات عدة لاستنساخ الكتب، وأذكر من ذلك الرحلة التي قام بها من صعدة القاضي محمد بن إسحاق العبدي، والتي شملت العراق والشام وإيران وأفغانستان والهند، وهي من رحلات القرن الحادي عشر الهجري. وقد سبقتها رحلات لزيد بن الحسن البيهقي، وأحمد بن الحسن الكني، والقاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام». كما كان للمكتبات الخاصة في اليمن دور بارز في حفظ الذاكرة. وعمل العلماء على حفظ المخطوطات من خلال المكتبات الخاصة التي أقاموها في بيوتهم وتعهدوها بالرعاية والتحقيق. ويقدّر عدد المكتبات الخاصة في اليمن بخمسمئة. وقد ابتكر علماء وأدباء يمنيون طرقاً جمة لحفظ المخطوطات النادرة وإيصالها إلى الأجيال اللاحقة. واكتُشف أكثر من أربعة آلاف مخطوط أثناء ترميم الجامع الكبير في صنعاء، وتبيّن أنها تعود إلى القرن الرابع الهجري، وكانت محفوظة في سقف الجامع. ومن بين تلك المخطوطات، رقوق قرآنية يرجّح أنها تعود إلى القرن الأول الهجري. وعُثر أخيراً على مئات المخطوطات النادرة في ضريح الإمام المنصور في جامع صلاح الدين في صنعاء القديمة.