الطريقة البشعة التي نفذت بها داعش عملية قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وجريمة قتل الرهائن اليابانيين قبلها، أضافتا إلى سجل داعش الإرهابي جرائم جديدة، وألّبت عليها مزيداً من الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي وفي العالم أجمع، وقد كانت المملكة أولى المنددين بهذا العمل الإجرامي البشع ومن أول الدول التي عبرت عن وقوفها إلى جانب الأردن الشقيق واستنكارها وإدانتها، وتجسد الموقف السعودي باتصال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الشقيقة معزياً، وتلا ذلك تعزية سمو الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز لعشيرة الكساسبة، وقيادته على رأس وفد شعبي سعودي بالحضور إلى بيت العزاء في مدينة الكرك جنوب الأردن، حيث تعيش قبائل عربية عريقة ذات نسب وصلات مع إخوانهم في الجزيرة العربية وفي المملكة على وجه الخصوص. وكان سمو الأمير تركي بن طلال قد قدم التعازي أيضاً إلى ملك الأردن أثناء مقابلته للعاهل الأردني في الديوان الملكي بعمان حيث خاطبه قائلاً: إن بلدكم (الأردن) ستخرج أقوى وإن القتلة لن يفلتوا من الحساب العسير على جرائمهم ضد الإسلام والإنسانية مضيفاً إن بلدينا بقيادة الملك سلمان والملك عبدالله الثاني قادران على تخطي هذه العقبة، لقد كان وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب الأردن في هذه المحنة موقفاً أخوياً لا يُستغرب منها، وهو يأتي معبراً عن موقف المملكة الدائم من الأشقاء جميعاً ومن المملكة الأردنية التي تربطها بالمملكة علاقات تاريخية وطيدة، كما كان لهذا الموقف صدى إيجابي لدى الشعب الأردني الشقيق حيث أبرزت الصحف الأردنية والعالمية خبر هذه الزيارة وسجلت ردات الفعل الطيبة التي عبر عنها الأردنيون، مسؤولين ومواطنين. كما أكدت التصريحات التي أدلى بها سمو الأمير طلال أثناء العزاء ما يحس به المواطن والمسؤول السعودي من فداحة خطر هذا التنظيم الذي لا يتورع عن ارتكاب الجرائم ضد كل من يخالفه في فكره الإرهابي، وما يلقاه المدنيون في المناطق التي ابتليت به من عناء وأذى، وما يتعرضون له من تقتيل وتدمير ونهب باسم الإسلام الذي أضحى ضحية لفكر هؤلاء وسلوكهم، حيث استغل أعداء الإسلام وخصومه تصرفات هذه الفئة الخارجة للإساءة إلى الإسلام لرميه بصفات ليست من طبيعته السمحة ومبادئه السامية. وإذا كان سموه بتعزيته لأسرة الكساسبة وللقيادة الأردنية قد عبر عن المشاعر التي خلفتها هذه الجريمة في نفوس السعوديين وعن مشاركتهم للشعب الأردني الشقيق ولأسرة الطيار الكساسبة، فإنه كذلك قد أكد الموقف الرسمي للقيادة السعودية من هذا التنظيم الإرهابي الذي أثبت أنه ليس خطراً على البلاد التي ابتليت بوجوده فيها فحسب، بل وعلى البلاد العربية الأخرى التي يقف أبناؤها متأهبين لمواجهة أي اعتداء قد تسول نفوس الخوارج فيه لقياداتهم التي تلقى اليوم من سلاح الجو الأردني وحلفائه ما تستحق من الهجمات التي ألحقت به الخسائر الفادحة والتي لن تتوقف حتى اجتثاث خطره والقضاء عليه. مره أخرى لقد كانت مبادرة الأمير تركي بن طلال والوفد الشعبي السعودي لمشاركة الأردن وآل الكساسبة العزاء ذات معان جليلة وآثار إيجابية في توثيق عرى المحبة والإخاء وخاصةً في أوقات الشدة، لا يقل عنه الأثر الطيب في نفوس أهل الفقيد والمواطنين الأردنيين عامة، لا سيما وأنها تميزت بالإنسانية والأسرية والمجتمعية التي تتمثل بمرافقة عدد من الشيوخ والشخصيات السعودية التي جاءت للمشاركة في تقديم العزاء، كما تميزت أيضاً فيما عبر عنه سمو الأمير تركي بن طلال عن مشاعر جياشة تمثلت بقوله: إننا نعزي أنفسنا والقيادة الأردنية وذوي الفقيد والشعب الأردني الجار الشقيق، أما الشهادة فشرف تنافس فيه أبناء هذه الأمة، لكن ما جرى يحمل أبعاداً خطيرة ليست من ثقافتنا فضلاً على كونها موضع إدانة. أكاديمي وباحث تربوي واجتماعي