في 11 شباط (فبراير) 1990 أفرج عن زعيم المقاومة السوداء لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا نلسون مانديلا بعد 27 عاماً في السجن رافعاً قبضته امام كاميرات العالم، فيما جموع ضخمة في انتظاره في كايب تاون. لكن في طريقه الى وسط هذه المدينة، اختفى مانديلا في شكل غامض. وكان موكبه قد غادر سجن فيكتور فيرستير بنيّة التوجه الى مقر البلدية حيث كان من المقرر ان يلقي كلمة. وفي تلك الفترة لم تكن الهواتف النقالة متوافرة بعد وكان بإمكان حتى اكثر الاشخاص خضوعاً للتعقب والمراقبة من الصحافة في العالم، الاختفاء. وقالت مؤسسة «مانديلا» التي روت للمرة الاولى الاسبوع الماضي تفاصيل هذا الحدث التاريخي: «أفرج اخيراً عن مانديلا وكان العالم في انتظاره ولم يكن لتريفور مانويل ادنى فكرة عن مكان وجوده». وكان مانويل الذي اصبح وزيراً للمال في ما بعد، رفيق نضال نلسون مانيلا مكلفاً تنظيم هذا اليوم التاريخي. وتبين أن مانديلا المعروف بمزيج من الصلابة واللامبالاة المحسوبة، قد طلب من سائقه القيام بتغيير مساره مرات عدة والتوقف في محطات مختلفة لتجنب الجموع. وقد عثر عليه المنظمون في المحطة الاخيرة من تجواله في منزل يقع في حي هادئ. وكان مــانــديــلا قـــد نــزع حذاءيـه لمزيد من الراحة فيما كان يتمتع بشرب الشاي. في تلك الفترة، كان النظام الابيض قد قرر الافراج عن مانديلا وإجراء مفاوضات معه، لكن الفصل العنصري كان لا يزال قائماً وفكرة ان يصبح مانديلا رئيساً بعد اربع سنوات لا تزال وهماً للبعض وكابوساً للبعض الآخر. ووصل مانديلا إلى مكان الاحتفاء به مع حلول الليل، واضطر لقراءة خطابه على نور مصباح فيما استعار نظارتين من احد الاشخاص بعدما فقد نظارتيه بسبب الفوضى التي رافقت مغادرته السجن. وحكم على نلسون مانديلا «الارهابي» زعيم المؤتمر الوطني الافريقي رأس حربة النضال ضد نظام الفصل العنصري، بالسجن مدى الحياة عام 1964 بتهمة قيادة الجناح المسلح السري لهذه المنظمة، لكنه أمضى منها 27 سنة وراء القضبان في جزيرة روبن آيلاند.