لندن: محمد الشافعي قال معهد الدراسات الاستراتيجية في تقرير نشره بمقره بوسط العاصمة لندن أمس إن استراتيجية عام 2015 في العالم تركز على التعامل مع أكثر أنشطة الجماعات «الإرهابية» تعقيدا واتساعا لا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا. وذكر المعهد في تقريره السنوي حول «التوازن العسكري لعام 2015» أن التهديد من المسلحين المتطرفين في سوريا والعراق، قد ازداد خلال العام الماضي، خصوصا مع ظهور «داعش» وتدفق المتطرفين من الداخل والخارج للحرب في مناطق الصراع «التي أصبحت شاغل الدول الأوروبية». وشدد في هذا السياق على ضرورة تركيز أجهزة الاستخبارات على التهديدات التي يشكلها الإرهابيون على المجتمعات الأوروبية التي توجد بها بيئات حاضنة للمتشددين، مبينا أن النجاحات العسكرية التي حققها «داعش» كانت السبب وراء الغارات الجوية لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا. وحول الطبيعة المختلطة لمقاتلي «داعش»، قال المعهد إن التنظيم يتكون من متمردين ومجموعة قليلة من المشاة بالإضافة إلى عناصر إرهابية. وركز التقرير على المخاوف من تنظيم «داعش» وعودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية. وأشار خبراء المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى صعود نجم تنظيم «داعش»، وقدرته على التكيف مع ضربات التحالف الدولي بوضع خطط تكتيكية للتماشي مع الضربات الجوية التي بدأت في سبتمبر (أيلول) 2014، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. وفي حين ألقى خبراء المعهد باللوم على الحكومات الغربية التي تدخلت بعد وقت طويل من صعود «داعش»، وتعليقا على التقرير، قال المدير العام للمعهد جون تشيبمان في مؤتمر صحافي بالعاصمة لندن أمس: «الوضع الحالي للتنظيمات الإرهابية، وتحديدا (داعش) في مرحلة البداية.. وهناك تطورات أخرى». وبين أن الحملات التي يشنها تنظيم «داعش» في العراق وسوريا أظهرت قدرته على التكيف التي اتضحت من خلال إجرائه تعديلات تكتيكية في أواخر عام 2014 للحد من تعرضه لغارات التحالف، وقدراته التسليحية. كما أكد التقرير أن استراتيجية توفير الدعم الجوي للحلفاء المحليين لعبت دورا في كسر الزخم الذي حققته استراتيجية «داعش»، التي تولدت في صيف عام 2014، منبها في الوقت نفسه إلى أن العمليات الجوية لقوات التحالف قد تؤدي إلى انتصارات تكتيكية ضد «داعش»، خاصة لدى توفير الدعم لمقاتلي المعارضة السورية، «بيد أن ذلك لن يلحق هزيمة استراتيجية بالتنظيم». وشدد التقرير على أن «الوسائل العسكرية وحدها لن تكفي للتعامل بنجاح مع الوسائل (المعقدة) التي يستغلها التنظيم لتجنيد أتباعه والاستمرار في عملياته». وبين التقرير أن الظروف الأمنية المعقدة في جميع أنحاء المنطقة فضلا عن ازدياد انعدام الأمن، والصراعات، زادت من حجم الإنفاق الدفاعي المتنامي في الأصل، لافتا إلى «تركز الإنفاق العسكري في المنطقة على أنظمة الدفاع الجوي خاصة في منطقة الخليج، فيما تتوجه بعض الدول لشراء المروحيات وتعزيز وسائل النقل الجوي والمدرعات والمدفعية». وعلى صعيد سياسة الولايات المتحدة في سوريا، قال التقرير إنها لا تزال «متناقضة وغير ملزمة» في إشارة إلى أن الأسلحة الأميركية، لا سيما المضادة للدبابات، كانت كمياتها محدودة لقياس قدرات هذه المجموعات. كما سلط التقرير الضوء على الانقسامات العميقة بين الولايات المتحدة وحلفائها من المعارضة المسلحة حول تحديد الأولويات في قتال «داعش»، والتي ترى من جانبها أن قوات الرئيس السوري بشار الأسد هي «عدوها الرئيسي». وأشار إلى أن ظهور «داعش» رسميا جاء في عام 2013، وكان نتيجة التطور من تنظيم «القاعدة في العراق»، فيما تعددت أسباب ظهوره، وكان من أهمها ضعف الحكومة المركزية في العراق وسوريا وافتقارهما إلى الشرعية. وعلى الصعيد الأوروبي أكد التقرير أن الأحداث في أوكرانيا خلال العام الماضي والتي أدت إلى تراجع الثقة المتبادلة بين القوى الغربية وروسيا، مثلت تهديدا لحالة «الاستقرار الأوروبي» بعد الحرب الباردة. وأكد أن الدول الغربية مضطرة إلى الخروج باستراتيجية شاملة لمنع «المغامرة الروسية» ضد الاتحاد الأوروبي أو أراضي حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والدعم النشط لسيادة الدول الأوروبية والاستعداد الواضح لاحترام المصالح الأمنية لموسكو.