يبدو أن اليمن يتجه إلى منزلق خطير، يهدد كيانه الجغرافي، وتقضي على ما تبقى من شرعية الدولة اليمنية، وذلك بعد إعلان « جماعة أنصار الحوثية « حلّ المؤسسات القائمة، وتفويض اللجان الثورية بإدارة شؤون البلاد لمدة عامين؛ من أجل الإجهاز على النظام الجمهوري، والعودة بالبلاد إلى ما قبل ثورة سبتمبر 1962 م. مع تفاقم التعقيد في المشهد اليمني، وتصاعد مخاطر التفتيت، والوقوع في حروب طائفية، وأهلية، فإنَّ هذه الخطوة ستدفع اليمن إلى المزيد من إراقة الدماء بين أطياف المجتمع اليمني، وإسقاط الدولة، وتدمير مؤسساته، وقد تقود لإعلان أحادي بانفصال الجنوب، - فضلا - عن نشوب أزمة مع دول الجوار، ومع المجتمع الدولي، - ولاسيما - أنها تعتبر الانقلاب الحوثي تعديا على الشرعية الدستورية، ومخالفة للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية. مسلسل استيلاء الحوثيين على السلطة، سيمهد نحو استخدام الانقلاب كغطاء؛ من أجل التمدد نحو مصادر الثروة في شرق البلاد، وجنوبها، - إضافة - إلى سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب الاستراتيجي؛ ليتسع نطاق الابتزاز الإيراني إلى أبعد من ذلك؛ تمهيدا لإقامة كيان جديد قائم على العنصرية المقيتة، متناقضا - أيضاً - وبشكل صارخ مع نهج التعددية، والتعايش الذي عرف به المجتمع اليمني، وسيعرض أمن اليمن، واســتقراره، وســـيادته، ووحدته للخطر. إيران الدولة المستفيدة من العبث الحوثي - اليوم - ، وهي وراء تحريـــك الأوضاع في اليمن إلى مزيد من السوء؛ من أجل أن ترفع سقف تفاوضها مع الدول الغربية حول ملفها النووي. وما حدث - قبل أيَّام - هو انحراف عن مسار العملية السياسية بقرار انفرادي، حلَّت فيه حركة أنصار الله محل الشراكة السياسية، والوطنية، بل واختزلت - في ذاتها - كل المكونات الاجتماعية، والجغرافية التي تتألف منها اليمن. - وعليه - فإنَّ العودة الحقيقية إلى استمرار العملية السياسية، تقتضي التفاعل مع المبادرة الخليجية، ومجرياتها، واستحقاقاتها، والعمل في إطار شرعية التوافق، ومقتضيات الشراكة العملية بين المكونات السياسية، والمجتمعية - بآليتها التنفيذية المزمنة - ؛ حتى لا تنزلق الأمور نحو ممارسة العنف الأهلي، أو إذكاء النزعات الطائفية، والجهوية المتطرفة، وخلاف ذلك سيعصف الانقلاب الحوثي بكل المكتسبات الوطنية اليمنية - منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر - ، ومرورا بالوحدة الوطنية للبلاد.