لم تستطع استراتيجية الرئيس أوباما إلى حد الآن توضيح أهداف تتماشى مع التحولات السياسية الجارية في الشرق الأوسط. إن طرح الموضوع الأمني والدفاعي (من منظور أمريكي طبعاً) وكأنه "كل شيء" لا يقلص من حدة المشاكل التي يتوجب عاجلاً أم آجلاً حلها على أية إدارة أميركية تريد أن تكون مقبولة في البلدان العربية. إن الحديث الغامض وبكلمات كبرى وفضفاضة عن "التحديات" و "النهضة العربية" و "المجهول"، وربطه بإمكانيات التحول الإيجابي نحو الديمقراطية، لا يمنع أن إدارة أوباما لم تقدم شيئا فعليا لحل القضايا الحقيقية التي تؤلم المنطقة، وفي مقدمتها: قضية فلسطين التي لا تزال مجمدة، وقضية سوريا التي يذبح شعبها يومياً والعالم يتفرج. إن الاعتقاد أن الوضع سيظل جامداً، أو أنه يمكن كسب الوقت حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود، قد يجعل السياسة الأميركية مفوّتة في وقت تتسارع فيه الأحداث في المنطقة العربية. إن ترتيبات ما بعد الأسد تبدأ الآن وليس بعد أن يسقط، كما حدث في العراق. فهناك حاجة ماسة للوقوف بقوة وحسم إلى جانب الحق، سواء في سوريا أو فلسطين. وإذا تركنا جانباً إيران، التي لها حسابات إقليمية طائفية خاصة، فإن روسيا هي القوة التي لا تزال تساند حكم الأسد. هل يمكن الاعتقاد أن الولايات المتحدة "عجزت" أمام التحدي الروسي؟ هل يمكن الاعتقاد أن إسقاط جدار برلين وتفكيك الكتلة الشيوعية في أوروبا الوسطى والشرقية كان أيسر من إسقاط نظام الأسد؟ من المهم التذكير بأنه إذا كانت الإدارة الأميركية ترى أن "العنف الراديكالي" هو مشكلتها الأساسية التي من أجلها تعبئ الجيوش، وترهق اقتصادها، فإن ذلك العنف في معظمه كان وليد ظروف الصراع العربي- الإسرائيلي التي تعرفها جيداً، وقد وقع تصدير عنف ذلك الصراع تقريبا إلى كل مكان، بما في ذلك أفغانستان والعراق وسوريا. فإذا كان لا بدّ من المواجهة، فقد يكون الوقت حان لتواجه الولايات المتحدة نفسها، وتقوم بجرد أفعالها وممارساتها. ولو فعلت ذلك مرة واحدة بصدق، لتقدمت المنطقة كثيرا نحو الاستقرار والسلام، وتقدمت الولايات المتحدة نفسها نحو التأثير الإيجابي. ولكن هل تفعل؟