يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم في رائعته "مصر تتحدث عن نفسها": أنا إن قدّر الإله مماتي، لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي. ومن هنا فقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بتقديم حزمة من المساعدات لدعم الاقتصاد المصري لمواجهة التحديات التي يواجهها حاليًا يبلغ حجمها الكلي خمسة مليارات دولار وذلك على النحو التالي: ـ مليار دولار منحة نقدية. ـ مليارا دولار منحة عينية تتمثل بمنتجات بترولية وغاز. ـ مليارا دولار وديعة لدى البنك المركزي بدون مصاريف تمويلية. كما وافقت دولة الإمارات على تقديم منحة مليار دولار لمصر، وملياري دولار أخرى كقرض، وهناك توقع بأن تكون الثلاثة مليارات دولار جزءًا من برنامج مالي أكبر. وأعلنت الكويت تقديم أربعة مليارات دولار كمساعدات عاجلة لمصر تشمل وديعة بقيمة ملياري دولار للبنك المركزي المصري، ومليار دولار أخرى منحة لا ترد، إضافة إلى نفط ومشتقات نفطية بقيمة مليار دولار كمنحة. وللمساعدات الخليجية لمصر نتائج عديدة نحاول أن نذكر بعضها في هذا التحليل الاقتصادي. يذكر أن مصر تعاني من فاتورة دعم المنتجات البترولية والطاقة بصورة متفاقمة خلال العامين التاليين لثورة 25 يناير 2011، كما تنفق الحكومة نحو 20% من الناتج القومي على دعم الوقود، والذي تجاوز خلال العام المالي 2012- 2013 نحو 122 مليار جنيه. ولا شك أنه من المؤكد أن تلك الحزمة من المساعدات ستساهم في إنعاش الاقتصاد المصري وتجعله قادرًا على مواجهة التحديات والتعافي، حتى تعود الأمور إلى الاستقرار في أرض الكنانة، وستسهم أيضا في رفع العبء عن كاهل المواطنين المصريين، وتُخفِّف أعباء الأزمة المالية الطاحنة التي يعاني منها الشعب المصري جراء الأحداث السيئة التي تمر بها مصر. كما أنها ستدعم احتياطي النقد الأجنبي، وتصل به إلى حدود آمنة، وستحول دون هبوط العملة المحلية مقابل الدولار، وهو ما يعني السيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة، كون مصر تستورد أكثر من نصف احتياجاتها السلعية. حيث إن احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي فقد نحو 1.1 مليار دولار خلال الشهر الفائت، ووصل إلى 14.9 مليار دولار، وهو مستوى يغطي احتياجات البلاد من الواردات السلعية لمدة ثلاثة أشهر فقط. للمساعدات الخليجية تأثير كبير على سعر الجنيه في السوق سيرتبط بمدى توفير أموال من البنوك لشركات الصرافة، حيث إن الطلب على الدولار في السوق خارج نطاق البنوك محدود، وسيساهم في خفض الفجوة التمويلية لمصر، حيث إن أي مساعدات خارجية يكون تأثيرها دائمًا قصير الأجل، واتضح ذلك في تراجع سعر صرف الدولار، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، خلال الفترة الفائتة، ليصل متوسطه إلى 6.99 جنيه، فيما وصل سعر الشراء إلى 7.008 جنيه، والبيع إلى 7.03 جنيه. وهناك نتيجة عظيمة أدّت إليها المساعدات الخليجية لمصر مؤخرًا وهي استنفار لرجال أعمال سعوديين وخليجيين نحو مساعدة الشقيقة مصر، فقد أكد العديد من رجال أعمال سعوديين وخليجيين عزمهم ضخ استثمارات جديدة في مصر، متى اتضحت الرؤية المستقبلية واستقرت الأوضاع الأمنية، ويبدو أن توافق السعودية والإمارات مع السلطة المؤقتة في مصر شَجَّعَ المستثمرين السعوديين والإماراتيين للتوجّه نحو زيادة استثماراتهم فيها، والشروع في ضخ استثمارات جديدة وهذه هي روح الأمة الواحدة.. وصدق رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم حينما قال: "المؤمنون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".