×
محافظة مكة المكرمة

ولي ولي العهد يرعى سباق الوفاء لشهداء الواجب الجمعة القادمة

صورة الخبر

كانت الأفلام المصرية والأمريكية في حقبة الثمانينات والتسعينات بشكل واسع، أحد مصادر الترفيه لمعظم أفراد الدول العربية، فقد كانت (شرائط الفيديو القديمة) متداولة بحماس في العطل الأسبوعية، ورغم أن مشاهدتها لغرض الترفيه والاستمتاع كان يشكل الهدف الأبرز لمقتنيها إلا أنها حققت نتائج أخرى على مستوى تشكيل الوعي نحو قضايا معينة سواء سياسية أو اجتماعية أو ثقافية فقد كانت معظم الأفلام تتناول قصصا تحكي واقعا ليس ببعيد عن هموم وحياة الناس في كل المجتمعات العربية، وكانت في مجملها تحمل فوق الهدف الترفيهي والتجاري هدفا أخلاقيا.. المتأمل في واقع تلك الفترة الزمنية قد يدرك الفرق الكبير بينها وبين الفترة الراهنة، من حيث تشكل الوعي، الآن الصور والأخبار ومقاطع الفيديو القصيرة أصبحت تشكل وتعيد صياغة الوعي لجميع فئات وشرائح المجتمع ولكن صياغة هذا الوعي تأتي بصورة متسارعة ومشتتة بعكس الهدوء الذي كانت تسير به في الفترات الماضية، ذلك لأن مصادر التعرض للمحتويات السابقة أصبحت متعددة ومتاحة من عدة وسائل وليست وسيلة أو مصدرا واحدا، فوسائل التواصل الاجتماعي ببرامجه المختلفة (فيس بوك- تويتر- انستغرام- واتساب- سناب شات.. وغيرها) فوق أنها متاحة للاستخدام من الصغار والكبار، هي تحمل رسائل مختلفة في مضامينها وأهدافها، لذلك نحن لا نستغرب تضارب الأيديولوجيا الفكرية بين فئات المجتمع نتيجة تعرضها لمضامين إعلامية متباينة بشدة، والخطورة تكمن في أمرين، الأول أن هذه الوسائل أصبحت أحد مصادر التعلم والترفيه والتنفيس والتعبير بكل أنواعه بصفة يومية لا غنى لكثير من الأفراد عنها، وهذا يجعلها مصدرا رئيسا لتشكل الوعي والمواقف والاتجاهات نحو قضايا الشأن العام في كل مجالاته، ونظرا لتسارع مضامينها وتذبذبها نجد الاختلاف بين الناس في تعاطيهم مع قضاياهم بل وتطرفهم نحوها.. الأمر الآخر أن صياغة الوعي الزائف لدى الناس تتم بطريقة هم أنفسهم غير مدركين لها، فالكل يرى ويدعي أنه يملك الحقيقة تجاه معظم القضايا سواء الدينية أو السياسية أو الاجتماعية بل ويحاول إقناع الأطراف المختلفة بها، وطريقة الإقناع هذه تتم في كثير من أحوالها بمنهج السب والاتهام. ربما علينا لترتيب أحوالنا الفكرية تجاه القضايا الاجتماعية والثقافية أن نستعين بتجربة حقبة الثمانينات والتسعينات، بأن نجدد جاذبية الفن برسالة تؤدي الغرض الأخلاقي مترافقا مع جانب المتعة والترفيه.. ففي زمن الإعلام الجديد لن تجدي كثيرا البرامج الثقافية والإعلامية لتشكيل وعي تنويري لعقول العامة.. فلم تستغل بعد خير استغلال نقطة الجاذبية للمسلسلات العربية والخليجية في بعض الأشهر من السنة، فما زالت بعض المسلسلات والبرامج الترفيهية تساهم في تردي القيم الإنسانية وتسطح قضايا الناس وتختزل قيمة المرأة في مظهرها الخارجي، بل وتفعل أسوأ من ذلك عندما ضللت المرأة ووضعت مقاييس جمالية معينة لا تبلغها المرأة الطبيعية إلا بمشرط جراح التجميل، فأخرجت لنا مناظر مشوهة لجمال المرأة العربية. يجب أن تعاد صياغة الفن بمعايير جديدة تنتهج الجاذبية بغير المحتوى الرخيص الذي تأخذ به. الفن هو الحل في إعادة تشكيل الوعي التنويري إذا كان مخططا بطريقة ذكية وجاذبة. مع الرفض التام لكل الأصوات المتناقضة التي تدين الفن وتصفه بالانحلال بشكل مطلق!. إعلامية وباحثة اجتماعية