×
محافظة حائل

«الأرصاد»: موجة باردة تبدأ الخميس تصل إلى الصفر في الشمال

صورة الخبر

تبدو معضلة أسعار الذهب معضلة حقيقية بالنسبة للكثيرين، فما إن يرتفع سعر المعدن ويتحسن قليلا، إلا ويتراجع لمستويات جديدة من الانخفاض أسوأ مما قبل. آخر الأخبار تشير إلى تراجع سعر الذهب لأدنى مستوى له خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وكانت بورصة نيويورك أغلقت تعاملاتها أول أمس عند 1234 دولارا للأونصة، مسجلة أكبر هبوط أسبوعي منذ الأسبوع المنتهي في 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وإذا كانت أسعار المعدن النفيس قد عرف عنها دوما حساسيتها للتغيرات الاقتصادية في الأسواق العالمية، فإن التراجع الأخير يعود بالأساس إلى إعلان بيانات التوظيف في الولايات المتحدة الأمريكية، التي كشفت عن أرقام فاقت التوقعات، ما يعكس تحسنا في الأداء الاقتصادي. وأفلحت سياسات التوظيف الأمريكي في إيجاد 257 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي، في حين كانت أفضل التوقعات تشير إلى 234 ألف وظيفة فقط، بينما تم إيجاد 329 ألف وظيفة في الشهر الأخير من عام 2014 ليحقق الاقتصاد الأمريكي أعلى معدل للتوظيف منذ منتصف 2010. ولكن كيف يؤثر ذلك على سعر الذهب عالميا؟، يجيب عن هذا التساؤل لـ"الاقتصادية"، جوردن آليسو كبير الاقتصاديين في شركة المعادن النفيسة، بأن السبب الرئيس للتراجع الأخير في سعر الذهب، هو شعور الأسواق العالمية بتحسن أداء الاقتصاد الأمريكي، وهذا بالنسبة للكثيرين مؤشر على تحسن قيمة الدولار وزيادة القوة الشرائية له، ويدفع هذا بالكثيرين للتحول من الطلب على الذهب إلى الدولار. وأضاف آليسو، أن المشكلة ليست في الانخفاض الراهن، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية تدفع جميعها في اتجاه تراجع سعر المعدن خلال الفترة المقبلة، وهذه العوامل تبدو أكثر وضوحا لكبار الحائزين مثل الصناديق الاستثمارية وصناديق التحوط والبنوك المركزية، ويدفعهم الخوف من مستقبل أسعار الذهب إلى التخلص منه واستبداله بالعملة الأمريكية، ومن ثم يزيد المعروض العالمي وتتقلص أسعار المعدن النفيس. وبينما يقر أغلب المختصين في سوق الذهب العالمي بأن التراجع الراهن في الأسعار يعكس اختلالا بين العرض والطلب، فإنهم يطالبون بإحداث التوازن المطلوب من خلال مجموعة جديدة من السياسات المطلوب تبنيها من كبار المستهلكين والمنتجين، وهما الهند والصين، حيث ارتفع إنتاج الصين التي تحتل المرتبة الأولى عالميا في إنتاج الذهب منذ عام 2007، بنسبة 5 في المائة ليصل إلى 452 طنا، وقد تزامن هذا الارتفاع مع هبوط كبير في الطلب بلغ 25 في المائة. ويعتقد البعض أن رفع أسعار الذهب مستقبلا يتطلب من الهند وهي أكبر مستهلك للذهب في العالم، بضرورة تغيير جزء كبير من سياستها الراهنة في مجال التعامل مع المعدن النفيس. وأشار لـ"الاقتصادية"، أندريه كلمينت الاستشاري السابق في اتحاد السبائك البريطانية، إلى أن نيودلهي تعد اللاعب الأكبر في مجال الاستهلاك، وأن الأسر الهندية تحتفظ بمخزون من الذهب في شكل حلي وسبائك يقدر بـ22 ألف طن، وتسييل هذا المخزون ودمجه في الاقتصاد ليكون فعالا بدلا من وضعه الراهن يتطلب سياسة جديدة، وإذا أفلحت الحكومة الهندية في تقديم هذه السياسة وإقناع المعنيين بأسواق الذهب بجدواها، فإنه من المتوقع أن يتغير الاتجاه العام لأسواق الذهب العالمية وأن تستعيد عافيتها. لكن وجهة النظر تلك تقابل برفض تام من قبل آخرين من بينهم توبي هارندين الاستشاري في مجموعة مورجان ستانلي الذي أكد لـ"الاقتصادية"، أن قيام الهند بتبني أي خطوات إصلاحية حاليا تسهم في دمج المخزون الذهبي للعائلات الهندية في أسواق الذهب سواء المحلية أو العالمية يعني بلا شك زيادة المعروض العالمي، وهذا قد يؤدي إلى انهيار أسعار المعدن النفيس. وأضاف هارندين أن المشكلة الراهنة تتلخص في الإفراط في المعروض، ويتطلب ذلك إما تدخل كبار المنتجين من أمثال الصين وجنوب إفريقيا بخفض الإنتاج، أو ترك آليات السوق تعمل لتحقيق التوازن المستهدف بأن يستوعب السوق فائض المعروض ولكن هذ سيأخذ أمدا طويلا. وفي إطار استشراف المستقبل، يعرب بعض الاقتصاديين في المملكة المتحدة عن قناعتهم بأن تواصل انخفاض أسعار الذهب، قد يترك تأثيرات على المفهوم العام للمعدن النفيس ويحوله من وعاء استثماري إلى بوليصة تأمين تضمن لحائزيها درجة من الحماية أمام التقلبات السياسية والنقدية. ولا شك أن تراجع الذهب كوعاء استثماري سيكون له تأثيرات قوية على الاقتصاد العالمي، بما يعزز موقع أسواق العملات الدولية وخاصة الدولار، إضافة إلى سوق الأسهم. وبحسب كيفين براود، فإنه يتوقع أن تزيد التقلبات السياسية في اليونان وروسيا وأوكرانيا، وحالة عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي، وعدم قدرة القاطرة الأمريكية بمفردها على جذب الاقتصاد الدولي للخروج من أزمته، من الضغوط على الذهب في الأجل القريب والمتوسط على الأقل، وهذا سيفقد المعدن النفيس جاذبيته، وخاصة بالنسبة للحائزين الكبار مثل البنوك المركزية، فعلى سبيل المثال فإن الذهب يشكل 71 في المائة من احتياطات المجلس الفيدرالي الأمريكي، و68 في المائة من احتياطات البنك الاتحادي الألماني، و66 في المائة في فرنسا. ولربما تسعى تلك البنوك أو المؤسسات الاستثمارية الكبرى إلى تغير نسبة الذهب في احتياطاتها، وإذا حدث هذا فإن ذلك سيمثل إشارة للمستثمرين بالابتعاد أكثر عن الذهب، والتوجه إلى الدولار أو توليفة من أسهم الشركات العالمية الأكثر استقرارا. وأضاف أننا نتحدث هنا عن سلوك المؤسسات التي تتعامل مع الذهب من منطلق اقتصادي محض، والأمر مختلف عن سلوك الطبقات المتوسطة التي أتوقع سواء ارتفع سعر الذهب أو انخفض أن تحافظ على علاقتها التقليدية بالمعدن الأصفر من خلال مواصلة اقتنائه وتوريثه، ليس فقط لأسباب ودواعٍ مالية، وإنما أيضا لقيم اجتماعية ترتبط بالمكانة الطبقية والمفاهيم التقليدية للثراء، وخاصة في أكثر مجتمعين إنتاجا واستهلاكا للذهب وهما الصين والهند.