الفضاء الإلكتروني متسع باتساع الكون، ولم يعد مجديا منع أي وسيلة إعلامية من بث أفكارها.. هذه حقيقة ثبتها الواقع كعنصر يستوجب التعامل معه كما هو كائن. وفي فترات زمنية سابقة كان أي انقلاب يسعى للسيطرة على الإذاعة والتلفاز لكي يظهر لجماهير الشعب سيطرته الكاملة على مفاصل الدولة.. وأداة السيطرة هذه لم تعد من ضمن الأولويات، إذ إن ثورات الربيع العربي انطلقت من مواقع التواصل، وكل فتنة تحدث في أي بقعة يتم توجيها بحزمة من الأكاذيب والادعاءات فيتم تناقلها كحقائق يستجيب لها أناس ويهملها أناس.. ولأن أغلب دول العالم العربي دخلت دوامة عدم الاستقرار، سواء من تقوض بنيانه أو من حافظ على ثباته، فعدم الاستقرار حالة ناتجة من سببين جوهرين، أولهما عدم الشفافية، وثانيهما وجود تقنية استخدمت للشكوى وتطورت إلى التذمر واستغلالها في توسيع دائرة ذلك التذمر حقا أو باطلا. ولأن الكثير ما زال يرى أن المنع وسيلة ناجعة لكف أذى الإعلام المحرض يكون بهذه الرؤيا ما زال يفكر بآلية قديمة في زمن متغير، ويغدو المنع كمن يرغب حجب الشمس بغربال. كما أن الحجب يزيد من الشكوك والتأليب ويدفع الناس للبحث عن كل شاردة وواردة من غير تمحيص وينقاد لها. والحل الوحيد إزاء تطاير الأكاذيب والتحريضات تبني الشفافية في كل شيء حتى تصبح الأمور على المحجة البيضاء، وفي ذلك قطع الطريق على أي محرض أو كذبة نبتت للتدليس وزرع الضغينة. وأعتقد أن قيادتنا تنبهت لذلك، فوجدت منافذ عديدة للتواصل مع المواطن ــ منذ وقت مبكر ــ تواصلا مباشرا لسماعه أو تقبل شكواه مكتوبة أو من خلال المجالس والمكاتب المفتوحة، حتى إذ ظهرت أدوات التواصل الحديثة رأينا حسابين يعلن عنهما، أحدهما لخادم الحرمين الشريفين، والآخر لولي ولي العهد، يضاف إليهما حسابات بعض الوزراء، وكلها نوافذ متسعة لجعل الشفافية عنوانا رئيسا لأي عمل وبابا مفتوحا لتقبل أي شكوى وإبراز أي مظلمة. ونتائج هذه الحسابات خلق تواصل حقيقي يحول ما بين الحقيقة والافتراء.