لا شك أن القرار الملكي بإعفاء السجناء حسب إجراءات وأنظمة معينة فرصة قد لا تتكرر كثيرا، وبارقة أمل لبدء حياة جديدة ونسيان الماضي بكل ما حمل في طياته من أخطاء ومنغصات وسلبيات. وعلى الرغم من البرامج التي تقوم بها مختلف إدارات السجون للتخفيف عن النزلاء وتدريبهم لمقابلة مرحلة ما بعد السجن، إلا أن التأثيرات النفسية والاجتماعية والاقتصادية للبقاء طويلا خلف الأسوار تظل تطاردهم حتى بعد الإفراج عنهم إلى حد التحكم في عملية تكيفهم مع المجتمع من جديد، وقد تكون سببا في عودتهم إلى طريق الانحراف مرة أخرى، لذا وجب تغيير النظرة الاجتماعية للمفرج عنهم والتعامل معهم بإنسانية، مع إقامة دورات تأهلية تعيد التوازن لهم. ولعل أقسى درجات الألم التي يواجهها السجين عند خروجه من السجن هي نظرة الاتهام والتشكيك التي تطارده، وحالات الإقصاء التي يجدها من مجتمعه الذي يقف موقفا سلبيا منه بشكل يعطل إكمال رسالة السجن في «التهذيب والإصلاح»، ويؤدي تغييب عنصر الدمج والاحتواء، إلى إحداث شروخ نفسية عميقة لدى السجين تؤثر بشكل كبير في عملية تكيفه الاجتماعي، وقد تكون طريق عودته مرة أخرى إلى ما وراء الأسوار.