إعتبر مسؤولون في الإستخبارات الأميركية أن «جماعة بوكو حرام» تمتلك أموالاً وأسلحة بكميات كبيرة خزّنتها خلال تقدّمها الميداني، لكنها قد تواجه معركة أقوى مع البلدان المجاورة لنيجيريا. ولفت هؤلاء إلى أن تمويل «بوكو حرام» إزدهر بفضل سرقات المصارف والفديات الناجمة عن عمليات الخطف، وإن الجهاديين يقاتلون بـ»أسلحة متساوية» مع الجيش النيجيري بعد إستيلائهم على ترسانة أسلحة. ولكن قدرات الإسلاميين قد تصل قريباً إلى حدها الأدنى أمام القوات المسلّحة التشادية والنيجرية والكاميرونية. وتوقّع مسؤول إستخباراتي أميركي أن «يغيّر» التدخّل العسكري للبلدان المجاورة في نيجيريا «قواعد اللعبة بطريقة ايجابية». وتأتي هذه التعليقات بعدما منيت «بوكو حرام» بخسائر فادحة إثر شن النيجر هجوماً كبيراً أول من أمس للمرة الأولى، بمشاركة قوات من تشاد التي إعتمدت دوراً قيادياً في المعركة ضد الإسلاميين، أسفر عن مقتل 109 عناصر من الجماعة، كما أعلن وزير دفاع النيجر محمد كاريدجو. وكشف كاريدجو عن مقتل 4 عسكريين من جيش النيجر ومدني خلال الهجمات الأولى. وقال في تصريح متلّفز أن هجمات «بوكو حرام» التي إستهدفت مدينتي بوسو وديفا في جنوب النيجر قرب الحدود مع نيجيريا، أوقعت أيضاً 17 جريحاً في صفوف قوات أمن النيجر، واعتبر جنديان في عداد المفقودين. وأفاد مصدر أمني تشادي أن قائد القوات التشادية المنتشرة في النيجر بمواجهة «بوكو حرام» الجنرال يحيى داود، جرح في مدينة بوسو. وقارن المسؤولون الأميركيون الوضع في نيجيريا مع مثيله في الصومال حيث تمكّنت الجيوش الإقليمية من دحر متطرفي «حركة الشباب الإسلامية» وإعتبروا أن قوات «بوكو حرام» قد تتراجع كثيراً مع تدخل البلدان المجاورة. وفي داخل نيجيريا كانت «الجماعة» تتقدّم وتزداد قوة مع سيطرتها على 30 بلدة وقرية في غضون سنة كما أفاد مسؤولون، ما أتاح للمجموعة أن تقيم ملاذاً آمناً تشن منه عمليات متطورة وهجمات في منطقة أوسع نطاقاً. كما سيطرت «بوكو حرام»، التي تضم ما بين 4 آلاف و6 آلاف مقاتل، على آليات عسكرية من القوات النيجيرية المتراجعة ما أتاح لها تعزيز مواقعها في ميدان المعركة والتقدّم بوتيرة أسرع، كما أضاف مسؤول في الإستخبارات. ويرى مسؤولون أن وحشية هذه الجماعة «وسعيها للثأر» نهج رسمه قائدها أبو بكر شيكاو. ويبدو أن ليس هناك من وريث واضح إذا تأكد مقتل شيكاو في المعركة. وفيما تخرج «بوكو حرام» من شمال شرقي البلاد، فإنها ستطرح تهديداً متزايداً للغربيين المتواجدين في نيجيريا. لكن ليست هناك مؤشرات على أن المجموعة قادرة على شنّ هجمات على حقول النفط في (جنوب) أو تدبير هجمات إرهابية (غرب). وفي أشرطتها الدعائية تعبّر «بوكو حرام» عن «تعاطف مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لكن لا تزال هناك تساؤلات كثيرة حول نظرة التنظيم للجماعة»، كما يوضح أحد المسؤولين، إذ أن «من غير المرجّح أن يعتبر الجهاديون في الشرق الاوسط المتمردين في نيجيريا كعناصر مقاتلة مساوية لهم» مشيراً إلى أنهم «عنصريون». ولا تزال «بوكو حرام» تحتجز 276 تلميذة أختطفن في بلدة شيبوك في نيسان (أبريل) الماضي. وأثارت هذه العملية إستنكاراً واسعاً في العالم وعلى وسائل التواصل الإجتماعي السنة الماضية، لكن الإهتمام بهذه المسألة تراجع تدريجاً. ويرجّح مسؤول أن تكون الجماعة فرّقت الفتيات في أماكن إحتجاز عدة. إلى ذلك، غرق الجيش النيجيري في دوامة إنكفاء، إذ أثرت الخسائر الكبرى التي مني به على معنويات عناصره، ما دفع ببعضهم إلى الفرار. وأفاد مدير وكالة إستخبارات الدفاع الأميركية اللفتـــنانت جنرال فنسنت ستيوارت أعضاء مجلس النواب أن الجيش النيجيري «يواجه عمليات إنشقاق جماعية، حيث يتراجع الجنود عند اول مواجهة» مع «بوكو حرام». وزاد: «لكن قوة الجماعة قد تكون تكمن في ضعفها،» حيث أنه مع سيطرتها على مناطق أكثر ستصبح أكثر عرضة لهجمات عسكرية تقليدية في إطار دفاعها عن شريط كبير من الأراضي. وحملة الترهيب التي تخوضها «بوكو حرام» قد ترتد عليها بوسائل أخرى. ويمكن أن تواجه نقصاً في المواد الغذائية لأنها طردت سكاناً من المناطق الخاضعة لسيطرتها، ما ترك المزارع خالية ومن دون أي عمال للحصاد.