×
محافظة المنطقة الشرقية

كلية المجتمع ببقيق تحتفي بتهيئة أول دفعة من الطلاب المستجدين

صورة الخبر

المتابع للأحداث والتطورات المتلاحقة في المنطقة العربية في الآونة الأخيرة يلحظ أن هناك حراكاً سياسياً متسارعاً بين مختلف الأطراف العربية؛ في مواجهة الخطر الداهم الذي يبدو أنه لن يستثني أحداً، سواءً في المنطقة أم خارجها، وهو ما يسمى بخطر «داعش»، إذ أصبح هذا التنظيم يهدد الجميع، بعد أن كان محصوراً في العراق والشام، فبدأ بتهديد دول الخليج العربي، وشمال أفريقيا، ودول أوروبا وغيرها من المناطق، وهو ما يجعله فعلاً خطراً عالمياً لا بد من توحيد الجهود؛ لاحتوائه وتطويقه ومن ثم القضاء عليه. إن مقولة الأمن الفردي انتهت، فالدولة لا تستطيع عزل نفسها عما يدور حولها من أحداث، وهذا ينسحب على الجميع، فالدول الغربية كانت تعتقد بأنها بمنأى عن الأخطار التي تهدد منطقة الشرق الأوسط، فلم تقم بالجهود اللازمة والوساطة العادلة الضاغطة لحل قضايا المنطقة، ولاسيما أخطرها وأهمها القضية الفلسطينية، وهو ما جعلها تصبح مولِّدة للأزمات في المنطقة والعالم، بطريقة أو بأخرى، لذلك تبين أن الأمن أصبح إقليمياً ودولياً، والدليل ما حدث في باريس وبروكسل وعلى حدود السعودية، فواضح أن انعكاس تأثير عدم الاستقرار بات في الجميع، ولا يمكن لدولة أو مجتمع أن يعزل نفسه عما يدور حوله، وهو ما يستوجب علينا جميعاً العمل والتعاون لحل مشكلات العالم الأمنية والسياسية والاقتصادية، فالعالم أصبح قرية كونية الآن، وفي جميع المجالات، ومن أهمها المجال الأمني. يبدو أن هناك حراكاً عربياً سياسياً، فالتقارب المصري-العراقي، من خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وتصريحاته بالحاجة إلى الدور المصري، وأن العراق يسعى إلى التعاون مع مصر في المجالات كافة، هو مؤشر على أحد عناصر الحراك السياسي العربي، وكذلك التقارب العراقي-السعودي، بعد التغيير الحكومي في العراق، فالسعودية أرسلت وفداً من وزارة الخارجية؛ لتهيئة السفارة السعودية في بغداد، وعودة بعثتها الديبلوماسية إليه، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح بين البلدين، فالعراق بأمس الحاجة إلى محيطه العربي، والذي تمثله مصر والسعودية، واستقرار العراق مهم بالنسبة إلى السعودية، وهو ما أثبتته أحداث عرعر الأخيرة، واستغلال «داعش» لعدم وجود تنسيق أمني بين الدولتين، وكذلك سيطرتها على أجزاء من الأراضي العراقية منذ الصيف الماضي، وبعضها يقع قرب الحدود السعودية، لذلك التنسيق السياسي والأمني ضروري بين البلدين، والحدود السعودية العراقية تبلغ أكثر من 800 كم، إضافة إلى إدراك العراق كذلك لأهمية العودة لمحيطها العربي. كما أن الانفتاح المصري على المعارضة السورية ودعوتها إلى الحوار في القاهرة هو مؤشر إيجابي لتقطع الطريق على الاحتكار الدولي والإقليمي في البحث عن حل للأزمة السورية تماشياً مع مصالح هذه الدول، وبغض النظر عما يتعرض له الشعب السوري من مآسٍ، لذلك جاء جمع المعارضة السورية الداخلية والخارجية من مصر، والبحث عن فرصة لإنقاذ الشعب السوري الذي أصبح في وضع صعب جداً، كمؤشر للعودة المصرية، فهي حريصة على مصلحة الشعب السوري وإنقاذه من الوضع الذي وصل إليه، فهو محصور بين مطرقة النظام وسندان المجموعات المتطرفة. إن التدخل الخارجي في المنطقة هو من يصعِّب الحلول لمشكلاتها، بسبب البحث عن المصالح، إضافة إلى تغليب المصالح الوقتية أو الفئوية على المصلحة العامة، وهو ما حصل في معظم الدول التي تعرضت لأحداث «الربيع العربي»، فالتدخل الإيراني في العراق وسورية واليمن هو من يؤزم الأوضاع، وهذا التدخل أصبح واضحاً وعلناً، فالقتلى الإيرانيون العسكريون في العراق وسورية أصبح إثباتاً لا يمكن دحضه، ويعلن عنها بشكل رسمي، ووجود كبار قادة الحرس الثوري وفيلق القدس في هذه الدول. كما أن التدخل الدولي وبأشكاله كافة هو عائق آخر لتعقيد الحلول في الأزمات العربية أيًّا كان نوعها، نظراً إلى صراع المصالح الدولية بين الدول الكبرى في المنطقة العربية. يعتبر التنسيق المصري-السعودي مهم جداً وحيوياً لحلحلة أوضاع المنطقة العربية، وينطلق هذا التنسيق من السعي لاستقرار مصر وعودتها بقوة لتلعب الدور الذي تمثله مع السعودية في مواجهة التدخلات الإقليمية والدولية في المنطقة، فاستقرار مصر مهم جداً للدول العربية، وتبين ذلك كيف انعكس عدم استقرارها في الفترة السابقة سلباً على الدول العربية، فهي بوصلة العرب، والقوة التي تستطيع تحريك الأوضاع في المنطقة العربية، لذلك جاء دعم دول الخليج العربي، ولاسيما السعودية والإمارات؛ إدراكاً منها للأهمية القصوى لاستقرار مصر وعودتها إلى المشهد العربي بقوة، فمصر لها ثقلها الاستراتيجي عربياً ودولياً، ولها دورها التاريخي في هذا المجال، فالمحور السعودي-المصري سيكون هو المؤثر في حال استقرار مصر، فالوضع العربي هذه الأيام في غاية التعقيد، وهناك من يستفيد من تأزيم الأوضاع في المنطقة العربية؛ لتنفيذ مصالحه وتحقيق أهدافه، فما نشهده في اليمن الشقيق، وما تفعله جماعة الحوثي المدعومة من إيران هو خير دليل على ما يدور في الساحة العربية، وهو ما يشجع المنظمات المتطرفة كتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، على التغلغل والنمو في المنطقة. يبدو أن العرب أدركوا أخيراً، أن لا حل في مواجهة خطر التطرف والتكفير والتدخلات الخارجية، إلا بالتوحد ونبذ الفرقة والعودة إلى الحوار في ما بينهم، وتغليب المصحة العربية العامة على مصالح الارتباطات الإقليمية والدولية، فالمرحلة حساسة جداً، والأمن والاستقرار العربي على مستوى الدول والشعوب أصبح مهدداً أكثر من أي وقت مضى، واللاجئون العرب أصبح عددهم بالملايين.. فهل تكون هذه التحركات السياسية التي نشهدها بداية لتقارب وتفاهم عربي؟ وهل يكون خطر «داعش» سبباً في تفاهمات عربية تنعكس آثارها على شعوب المنطقة؟ * أكاديمي سعودي.