وديع عواودة-القدس المحتلة أثار بابا الفاتيكان فرانسيس الأولغضب الإسرائيليين لخرقه البروتوكول الرسمي أثناء زيارته بيت لحم في الضفة الغربية، حين توقف أمام جدار الفصل الإسرائيلي في المدينة رغم حرصه على الوقوف على مسافة واحدة من الاحتلال والواقعين تحته. وكان البابا قد أوقف موكبه عند الجدار قربمخيم الدهيشة في بيت لحم تاركا حراسه ومرافقيه، ووقف أمام الجدار العازل مغمضا عينيه في لحظة صلاة وابتهال. وعلى الحائط أمامه كتب شعاران "بيت لحم تبدو كغيتو وارسو" و"قداسة البابا نحن بحاجة لمن يتكلم عن العدل". وقفة ابتهال من جانبه حاول الحاخام الأرجنتيني أفراهام سكوركا الذي رافق الحبر الأعظم في زيارته للمنطقة، امتصاص غضب الجانب الإسرائيلي بقوله "إنها لم تكن زيارة سهلة رغم أنها بمثابة حج". البابا فرانسيس الأولأرضى الإسرائيليين بصلاته أمام "حائط المبكى" (الجزيرة نت) وتابع حديثه للقناة الإسرائيلية العاشرة الاثنين "يعي الفاتيكان أن الجدار بني نتيجة أعمال الإرهاب التي نفذت داخل إسرائيل في الانتفاضة الثانية.. برأيي هذه وقفة تأمل وابتهال لله بأن يأتي يوم وبسرعة يهدم فيه الجدار بعد سيادة السلام والتعايش". وقد كرست وسائل إعلام عالمية كثيرة مساحة بارزة لهذه الوقفة قبالة الجدار، واعتبرت شبكة "سي.أن.أن" الأميركية أنها استبطنت مقولة سياسية كبيرة مفادها أن هذا الجدار العازل ينبغي أن يهدم. ولذلك استفزت هذه الوقفة الجانب الإسرائيلي الذي قرأها كرسالة احتجاج هامة للعالم تضع إسرائيل في حالة حرج، وتثبت صورتها كمعتدية. واتهمت مصادر إسرائيلية بشكل غير رسمي السلطة الفلسطينية بترتيب هذه الوقفة. ورفض الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية التعقيب على ما نشرته بعض الصحف اللندنية الاثنين بأن إسرائيل مستاءة وستطلب توضيحات من الفاتيكان حول الوقفة غير المقررة. ولذا تطرق رئيس الوزراء الإسرائيليبنيامين نتنياهوالاثنين إلى هذه الوقفة، وقال خلال لقائه الثاني بالبابا إنه إذا توقف "التحريض ضد إسرائيل وتوقف الإرهاب فلن تكون هناك حاجة للإجراءات التي نتخذها مثل الجدار الأمني الذي أنقذ حياة آلاف الأبرياء". وخلال زيارة حائط البراق عاد نتنياهو إلى القول على مسامع قداسة البابا بأن إسرائيل تريد السلام لكن الجدار ضرورة لحمايته، مستغلا لقاءه به لاتهام الفلسطينيين بعدم تحقيق السلام، وتقديم إسرائيل في موقع الضحية. انتكاسة إسرائيلية وهذا ما دفع مفتي فلسطين سماحة الشيخ محمد حسين لدعوة الضيف إلى المساهمة في وقف الاعتداءات المتكررة على دور العبادة، وتمكين المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين من الوصول إليها والعبادة فيها، وعلى رأسها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. وفي إطار برنامجه، زار البابا معهد "ياد فاشيم" لتخليد ضحايا المحرقة وقبر ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية وحائط المبكى (حائط البراق) والتقى حاخامه شموئيل ربينوفيتش، وأقام صلاة قصيرة عقب دسه "رسالة أمنيات بين حجارة الحائط كما يفعل اليهود". ويذهب رئيس الحركة العربية للتغيير عضو الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي إلى حد التأكيد أن وقفة البابا قبالة الجدار العازل بمثابة انتكاسة للدبلوماسية الإسرائيلية. الطيبي: صلاة البابا أمام الجدار العازل دعم واضح للموقف الفلسطيني (الجزيرة نت) ويقول الطيبي للجزيرة نت إن الجدار العازل عنصر أساسي في السياسة الإسرائيلية وصلاة البابا أمامه دعم واضح ومعلن للموقف الفلسطيني وموقف المحكمة الدولية التي تعتبره عنصريا ورمزا للمعاناة الفلسطينية. بالمقابل قال المعلق السياسي للقناة الإسرائيلية الثانية يوآب فاردي إن صورة الحبر الأعظم مقابل الجدار العازل في بيت لحم مؤثرة جدا في الوعي العالمي. بين جدارين وردا على سؤال الجزيرة نت، يخالف فاردي الطيبي ويقول إن وقفة الباباقبالة "حائط المبكى" كانت أشد تأثيرا لأن الجدار رمز للرواية اليهودية التاريخية، مرجحا أن تكون صورته هذه قبالة حائط القدس أشد قوة في ذهنية العالم من صورته قبالة جدار بيت لحم، لأنه غير معروف في العالم مقارنة مع حائط البراق. من جانبه يقول الخبير بالشؤون الكنسية وديع أبو نصار للجزيرة نت إن الزيارة كانت متوازنة وفيها عبر الفاتيكان عن موقفه السياسي الداعم لإسرائيل بحدود آمنة، وإلى جانبها دولة فلسطينية كاملة السيادة بحدود 1967. وعن صورة البابا قبالة الجدارين يعتبر أبو نصار أن صورة الأحد أغاظت الإسرائيليين، لكن هؤلاء كانوا راضين الاثنين من زيارات الحبر الأعظم لمواقع يهودية هامة، لا سيما أنه استجاب لدعوة -بل ضغوط إسرائيل- وزار أيضا ما يعرف بالنصب التذكاري لضحايا الإرهاب. ويتابع "يبدي الفاتيكان رضاه التام عن الزيارة لتحقيقها غايتين هامتين هما لقاء البابا بالبطريرك المسكوني الأورثوذكسي، وتلبية الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني دعوة البابا لصلاة مشتركة في الفاتيكان يوم 6 يونيو/حزيرانالقادم".