×
محافظة حائل

عودة درجة التجمد لشمال السعودية بدءا من فجر الخميس

صورة الخبر

إبراهيم الحجري-الدار البيضاء تحتضن صالة نظر للفن بالدار البيضاء معرضا تشكيليا مشتركا للفنانيْن المغربيين المنحدرين من مدينة أزمور، عبد الكريم الأزهر ومحمد الأمين، حيث تتجاور التجربتان معا لما يجمع بين الفنانَين من سمات مشتركة فنيا وإنسانيا، فضلا عن كونهما ينتميان إلى مجال جغرافي موحد تميزه الطبيعة الساحرة. وينشغل الأزهر والأمين بهاجس فني واحد هو تتبع معالم الوجه البشري في تأثره بالزمان والمكان، وفي تحولاته انسجاما مع المحيط الثقافي والصناعي والتكنولوجي والاجتماعي، انمساخا، وتماهيا، وتشوّها. إنسان كوني تفضي جولة متأملة لأعمال الفنانين الأزهر والأمين إلى أن اللوحات المعروضة تهتم بموضوع مشترك هو الإنسان في ماهيته الأصيلة، وكنهه الوجودي، وتفاعله الفلسفي مع متغيرات الزمن الدائري. واللافت أن الوجوه والسمات البشرية التي تحيل على الكائن الآدمي داخل الأعمال غير واضحة، فهي مبهمة ومشوهة وأشبه ما تكون بالظلال. ويروم الأزهر والأمين لتجسيد الإنسان في كونيته بعيدا عن الجغرافيات والحدود، فالتجربة الفنية لديهما تخلخل أسئلة الإنسان العامة والمشتركة، وتتحاشى التفاصيل المميزة. وفي هذا الصدد، أكد الناقد الفني عز الدين بوركة أن سؤال الأصالة والهوية هو السؤال المشتغل عليه بأعمالهما، وذلك لأنهما يأخذان المتلقي إلى أبعد من اللوحة والسؤال، فهما يقودانه لعالم تتماهى فيه الشخوص والفكرة، وتتصادم في مواجهة غير صريحة مع أدوات العولمة التي تحاول محو هويات المجتمعات. ورأى بوركة أن شخوصهما المصورة والمرسومة بدقة اللون والمختارة بعناية، مثل الشيخ بالعمامة، والفتاة الأمازيغية الصغيرة ، وصورة عبد الكريم الخطابي، وصورة طفل معتم الوجه، تطرح سؤال الهوية والأصالة، وتبث رسائلهما الفلسفية المبطنة والمشتهاة. وانتهى إلى أن المُشتَغَل عليه من جهة الجسد في أعمال الأزهر والأمين هو النصف العلوي من الجسد الآدمي، ذلك النصف المفكر لا الغريزي، الفيلسوف المبدع، المبتكر والمجدّد والفنان، لا النصف السفلي المندفع والشهواني. مشروع مفتوح ولعل أهم ما يمكن تسجيله بالنسبة لمتتبع مسيرة الأمين والأزهر هو كونهما يعملان على تطوير المشروع الفني نفسه الذي اختاراه منذ البدايات، وهو الهوية الإنسانية من خلال التعامل مع الوجه تحديدا، مع الحرص على تضمين هذا العضو الأساس كل الأفكار والرؤى التي تشي بالتحول والانتقال في التجربة، على اعتبار أنه عضو معطاء بتضمنه أهم الحواس التي تحبل بالفكرة وتنبض بالسؤال. ويتخذ الفنانان التشكيليان الوجوه الآدمية قرينة حية للإنسان في تحولاته الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية، مثلما يتخذانها كتابا مفتوحا على آفاق التجربة في تطورها وتفاعلها، يكتبان فيه سيرة الكائن البشري، أفراحه وأتراحه، نجاحاته وإخفاقاته، بؤسه وتوهجه. وقال الأزهر، في حديث الجزيرة نت، إنه اتخذ الوجوه قرينة على إنسان بلا ملامح، واشتغل على الإنسان، بغض النظر عن جنسه أو سنه كموضوع لمشروعه التشكيلي، حيث غلبت القتامة والسواد على العالم الذي انبثقت عنه شخوص تتحرك وتتعايش في مربعات عمودية وأفقية بإيقاعات أحادية اللون. وتدريجيا بدأت تلتئم داخل المربعات رموز تؤثث الفضاء إلى جانب الإنسان وتتجسد في شكل أسهم وساعات. وأضاف ثم أقحمت فيما بعد العيون في أشكال وتركيبات مختلفة: وسط مربعات، نوافذ، جاعلا منها وجوها حركية تخلقها عمليتا التجاور والتنضيد. كما رأى الفنان نفسه أن الكائن الآدمي ظل محورا، لكن المؤشرات الدالة عليه تتحول تبعا لسياقات الوعي الفني ودرجة التفاعل مع الطبيعة والعالم وخصوصيات المرحلة. وتختلف أدوات الاشتغال لدى الفنانَين سواء من حيث الحوامل والخامات والأساليب الموظفة في تكوين العمل، حتى إن راودتهما الفكرة نفسها والسؤال ذاته. فإذا كان الأمين يشتغل على صور واضحة كمحور مثل الشخصيات التاريخية أو السياسية أو الفنية ثم يقحم مادته الفكرية عبر إدخال الكاليغراف أو الألوان المتنوعة، فإن الأزهر يستمر في مجادلة الوجه المبهم من خلال إضفاء لمسات أخرى تعطيه أبعاد التعدد والتحول عبر الألوان والمواد المقحمة وشكل الأفواه والعيون والانحناءات والاستدارات.