من أشنع ما لحق بالإسلام من تشويه في زمننا الحاضر ما فعلته «داعش» حين أحرقت الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً داخل قفص وتصوير جريمتهم ثم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليشاهدها ملايين الناس في مختلف أنحاء العالم! ما من جريدة أو محطة إذاعية أو قناة تلفزيونية أو مجلة أو وسيلة من وسائل التواصل الإعلامي الاجتماعي إلاَّ ونشرت خبرَ إحراق الطيار الأردني المسلم معاذ الكساسبة على يد فئة تدَّعي الإسلام وترى أنها تحارب تحت رايته. كل الدنيا شاهدت الجريمة البشعة، ومعظم الذين لا يعرفون الإسلام حق المعرفة ظنوا أن ما فعلته داعش هو مجرد تنفيذ لتعاليم الإسلام وأن الدين الإسلامي هو دين البشاعة والتحريق والعُنف وجَزِ الأعناق وأن الإسلام يتعامل حتى مع أتباعه بهذه الدموية والقسوة! ويتفرج العالم على تبرير بعض المنتسبين للإسلام لما تقترفه داعش من جرائم، بما في ذلك جريمة حرق إنسان حيَّأً، فتستقر في الأذهان صورة بشعة عن دين الرحمة والعدالة، وهي صورة سوف يكون على الأجيال القادمة من المسلمين عبء تغييرها. نحن نعرف من قراءاتنا ومما تعلمناه في المدارس منذ أن كنا أطفالاً أن الإسلام يُحرِّم التحريق بالنار لأي روح، وقرأنا في الحديث قول الرسول عليه السلام :»... وإن النار لا يعذب بها إلا الله...»، وحديث إبن مسعود رضي الله عنه: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمررنا بقرية نمل قد أحرقت فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنه لا ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله عز وجل». فإذا كان النبي غضب من تحريق النمل، هل يجوز أن نبرر فعلة داعش عندما أحرقت إنساناً يشهد ألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ للأسف، هناك من يود أن يحجب الوجه الرحيم للإسلام ويتعمد إبراز صورة موحشة لهذا الدين، وهناك من يتحدث عن ظلم الآخرين للمسلمين ثم يرتكب ظلماً لا يقل شناعة بحق المسلمين وغير المسلمين. أما الرابح الأكبر من كل ما يحدث فهي إسرائيل التي نسيها العرب والمسلمون تماماً فراحت تبني المزيد من المستوطنات وتصادر الأراضي والمزارع الفلسطينية وتعمق عمليات التهويد للقدس وكل المقدسات الإسلامية في أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. إن محاربة داعش والفكر الداعشي هي مسؤولية الحكومات الإسلامية والمجتمعات الإسلامية على حدٍ سواء، فداعش ليست هي فقط ما نراه على شاشات التلفزيونات وإنما هي موجودة بيننا وفي كل مكان ودائرتها تتسع بسبب الفساد والظلم الذي يسود المجتمعات الإسلامية ويدفع الناس إلى اعتناق الأفكار الشاذة والمتطرفة.