في إطار فعاليات احتفائه باللغة العربية في يومها العالمي - الذي يصادف الثامن عشر من شهر ديسمبر - كانون أول من كل عام؛ حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18-12-1973م قرارها رقم (3190) القاضي بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة - نظم نادي الرياض الأدبي، مساء يوم الأربعاء 25-2-1436هـ الموافق 17-12-2014م، ندوة مميزة احتفى فيها بسادنين من سدنة اللغة العربية، نظير ما قدماه في خدمة اللغة العربية على مدار ما يزيد على نصف قرن، هما: الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل، والأستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الهدلق. وقد أدار الندوة الأستاذ - عبد العزيز القرشي، وشارك فيها كل من الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع، والأستاذ الدكتور أحمد بن عبد الله السالم، والأستاذ الدكتور حمد بن ناصر الدخيل، والدكتور عبد الله بن محمد الزازان. افتتحت الندوة بكلمة لرئيس النادي الدكتور عبد الله الحيدري، رحب فيها - بالأصالة عن نفسه، وبالإنابة عن مجلس إدارة النادي وجمعيته العمومية، بالمحتفَى بهما، وبالمتحدثين فيها، وبالحضور، معبراً عن سعادة استثنائية يشعر بها وهو بين أساتذته من جهة، وطلابه من جهة أخرى. ثم تبع ذلك كلمة ضافية وافية للمحتفَى بهما، ألقاها الأستاذ عبدالله الحقيل، بدأها بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على مَنْ أوتي جوامع الكلم وأفصح من نطق بالضاد»، ثم عبر عن شكره وزميله للنادي الأدبي على تشريفهما بهذا التكريم، ثم أردف: «إن الاحتفاء باللغة العربية دائماً يدل على توجه مستقبلي وتأكيد على استمرار قوتها ومعطياتها والاعتزاز بالهوية؛ فهي كيان معرفي وثقافي ضخم، وإنه لا يسعنا إزاء هذا التكريم إلا أن نوجه الشكر والتقدير للنادي الأدبي على ما يقدمه من إسهامات جليلة في سبيل الفكر والثقافة، وخدمة التاريخ والتراث واللغة العربية، ودعم الأدباء والباحثين وتكريمهم». ثم تلا ذلك شهادات المتحدِّثِين في المحتفَى بهما، حيث تفضل كل من الأستاذ الدكتور عبد العزيز المانع، والأستاذ الدكتور أحمد السالم، بشهادتيهما في الأستاذ الدكتور محمد الهدلق.. ومن ثم تفضل كل من الأستاذ الدكتور حمد بن ناصر الدخيل، والدكتور عبد الله من محمد الزازان، بشهادتيهما في الأستاذ عبد الله الحقيل. أما في حق الدكتور محمد الهدلق، فقد أسهب الدكتور عبد العزيز المانع في سرد سيرته وإنجازاته.. ومما جاء في شهادته قوله: «الدكتور محمد الهدلق باحث وناقد متميز، ومحقق ثبت، وأستاذ أكاديمي بارز. عرفت الدكتور الهدلق منذ زمن طويل جداً يزيد على خمسين عاماً فقد زاملته في المدرسة الابتدائية وفي المعهد العلمي في شقراء، ثم في كلية اللغة العربية بالرياض، ثم في جامعة الأزهر بمصر، ثم في الإعادة بقسم اللغة العربية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة، ثم في عضوية مجلس النادي الأدبي بالرياض، ثم في مجلس أمناء مؤسسة حمد الجاسر، ثم في مجلس أمناء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، وأخيراً نعمل سوياً الآن في كرسي المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها بمكتبين متجاورين لا يفصل بينهما سوى جدار مشترك. ذكرت هذا الرصد التفصيلي لأبيّن أن معرفتي بالدكتور الهدلق ليست معرفة عابرة، ولا مبنية على لقاء قصير، وإنما هي مبنية على زمالة عُمْر». وجاء في شهادة الدكتور أحمد السالم، قوله: «فماذا عساي أن أقول بعد هذا الرصد الدقيق لمسيرة أبي خالد الإدارية والعلمية والثقافية، لم يترك الأستاذ الدكتور عبد العزيز المانع شاردة ولا واردة، ولكن هناك ثلاث إضاءات في مجال خدمة اللغة العربية، أولها عمله الأول رئيس مركز تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بجامعة الملك عبد العزيز، وهذا عمل مباشر في خدمة اللغة العربية، ثم عمله عميداً لكلية الآداب بجامعة الملك سعود، وقبل ذلك كان عميداً للدراسات العليا في الجامعة، ورئيساً لمجلس أمناء مركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية في دورته الأولى التي تشرفت بصحبته فيها، وتعرفت عليه أكثر فأكثر في اجتماعات مجلس الأمناء في الرياض وإندونيسيا وإسبانيا، فكان نعم الرفيق في الدرب، ونعم الصديق في القلب». ثم ألقى الدكتور السالم ما جادت به قريحته في اللغة العربية، وفي النادي، وفي الدكتور الهدلق، في حين لم تخل قصيدته من غمزة مهمة جاءت في البيت السابع: قَوْلُ رَبِّي مِنْ كُلِّ مَا قِيلَ أَصْدَقْ لُغَةُ الْوَحْيِ حُسْنُهَا قَدْ تَحَقَّقْ خَصَّهَا الْعَالَمُ الْفَسِيحُ بِيَوْمٍ أَدَبِيُّ الرِّيَاضِ فِيهِ تَأَلَّقْ قَادَهُ الْحَيْدَرِيُّ نَحْوَ الْـمَعَالِي جَامِعاً فِي رُبُوعِهِ مَا تَفَرَّقْ مَنْهَلٌ، وَالْوُفُودُ تَتْرَى إِلَيْهِ قَدْ تَأَتَّى نَمِيرُهُ وَتَدَفَّقْ حَدَّثُونِي بِأَنْ أَبُوحَ بِشَيْءٍ عَنْ صَدِيقٍ مِمَّا عَرَفْتُ مُوَثَّقْ قُلْتُ هَذَا لَهُ دِفَاعٌ مَرِيرٌ عَنْ حِيَاضِ الْفَصِيحِ فِي كُلِّ مِرْفَقْ وَضَعَ الْعِلْمَ قِبْلَةً وَإِمَاماً وَقْتَ إِذْ غَرَّبَ الدَّعِيُّ وَشَرَّقْ لِسِوَى الدُّرِّ لَا يَرُومُ نُزُولاً وَسِوَى سُلَّمِ الْعُلَا مَا تَسَلَّقْ فَلَهُ فِي الدَّرْسِ الْبَلَاغِيِّ شَأْنٌ فِي سَمَاءِ الْبَيَانِ أَبْلَى وَحَلَّقْ وَإِذَا كَانَ بَيْنَ طُلَّابِ عِلْمٍ شَعْشَعَ النُّورُ فِي الْعُقُولِ وَأَفْلَقْ لِابْنِ جُرْجَانَ وَابْنِ قَزْوِِينَ مَجْدٌ طَرَفاً مِنْهُ قَدْ رَوَاهُ الْهَدْلَقْ وأما في حق الأستاذ الحقيل، فقد أسهب كذلك الدكتور الدخيل في سرد سيرته وإنجازاته.. ومما جاء في شهادته قوله: «إنها مناسبة كريمة وأمسية غالية يحييها نادي الرياض الأدبي في اليوم العالمي للغة العربية لتكريم بعض من أسهموا في خدمة لغة الضاد.. الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل نصير اللغة العربية المدافع عن حوزتها، كان أول لقائي به عام 1405هـ في مكتبه بدارة الملك عبد العزيز.. وكان يشغل وظيفة المدير العام للشؤون الفنية، ويتولى إدارة تحرير مجلتها منذ عام 1400هـ.. الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل الذي يكرمه نادي الرياض الأدبي في اليوم العالمي للغة العربية، احتفاءً بما قدمه من خدمات للغة القرآن الكريم، هذا التقدير الذي غَرس في حنايا قلبه حُبَّ العربية، وأُشربَ الغَيْرةَ عليها، ووفقه الله تعالى للمنافحة عن حوزتها، مما يزاحمها من لغاتٍ وافدة، ويضيمها من لهجات محلية وعربية، ومما يجري على ألسنة بعض المتحدثين والكاتبين بها من لُحونٍ بغيضة، وتهاون في الضبط الإعرابي والصرفي والإملائي، لو حدث في عصور العربية الزاهية لَعُدَّ عقوقاً للعربية، وخروجاً عليها، وعلى ما تحمله من أواني الثقافة والمعرفة وفي مقدمتها كتاب الله الكريم، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. صحب العربية صحبة محب واهب طوال سنينه الدراسية، وكانت لغة محفوظة لها مكانتها الممتازة من بين اللغات المقررة، تحظى بالنصيب الوافر من الخطط الدراسية.. فهي لغة العلم والثقافة، ولسان الخطيب والشاعر والكاتب والمؤلف، لهذه الأسباب لم ير هجران لغةٍ صحبها سنين في قاعة درس، وفي صفحات كتب، وفي منتديات الخطابة والشعر، وفي كل مقال ينبض بعظمة اللغة العربية وبلاغتها وجمالها، فواصل مسيرته مع اللغة العربية بطريق العطاء، وردِّ الدين، والإسهام في خدمتها في أكثر من موقع ومجال». وجاء في شهادة الدكتور عبد الله الزازان قوله: «هذا مساءٌ ذو معنى عندما يكون الاحتفاء باللغة العربية فعلاً حقيقياً؛ لأن التكريم روح الإنسانية وعطاؤها الأبدي، وهو مظهر حضاري نبيل، والثقافات الراقية هي التي تسعى دائماً إلى تكريم النابهين من أبنائها.. ونحن في هذا المساء الجميل نقدر كل التقدير النادي الأدبي في الرياض حين احتفى باللغة العربية في يومها العالمي، وإن كان الاحتفاء باللغة العربية يجب ألا يترك للمناسبات.. ونشكر النادي الأدبي كل الشكر حين احتفى بأنصار هذه اللغة ممثلين في الأديبين الكبيرين؛ الأديب عبد الله الحقيل، والدكتور محمد الهدلق، والاحتفاء باللغة العربية يدل على توجه مستقبلي ويعني التأكيد على شيئين؛ روح الأمة، واحترام لغتها، وتكمن أهمية هذا التكريم في أنه يحفز الاهتمام باللغة العربية.. الأديب عبد الله بن حمد الحقيل المحتفَى به هذا المساء أديب حقيقي، متنوع الثقافة، واسع الاطلاع، واضح الرؤية، عميق الفهم، يأخذ نفسه بالتعليم والتثقيف المتواصل لكي يفهم ما حوله، ولكي يستخدم هذا الفهم في تحقيق نفسه وخدمة ثقافته، وأنت وراء ذلك لا تملك إلا أن يأخذك الإعجاب بالروح الإيجابية التي يتحلى بها هذا الرجل. كانت علاقتي ولا تزال بالأديب عبد الله الحقيل - والتي أعتز بها - علاقة أدبية، والعلاقات الأدبية من أكثر العلاقات الإنسانية عمقاً وإبداعاً وتميزاً وصدقاً، وليس لهذه الأسباب أتحدث عنه هذا المساء، وإنما أتحدث عنه لسبب واحد وهو انطباعه لهذا الوزن الثقافي؛ (اللغة العربية) التي تأتي أولاً وثانياً وأخيراً في سلم أولوياته، وهذه نقطة قوية في حياة الرجل؛ ذلك أنه أحد المؤثرين في حركة اللغة العربية تعلماً وتعليماً وتأليفاً على مدى أربعين سنة أو تزيد من الخدمة المستمرة للغة العربية». تلك - قارئي الكريم - بعض مقتطفات الفصل الأول من هذا العرس الزاهي الذي نِلْتُ شَرَفَ حضوره، أما الفصل الآخر فقد خصص لمداخلات الحضور التي أضافت إلى العرس إضاءات مهمة، وكانت لي فيها وقفة ذاتُ شِقَّيْن؛ الشِّقُّ الأول مع واحد من فرسان اللغة العربية وحماتها، هو المؤرخ والأديب الأستاذ الدكتور عبد الله الصالح العثيمين، الذي أبى إلا أن يحضر على كرسيه وبجهازه التنفسي المحمول خلفه ليشارك في تكريم المحتفَى بهما، وفي إسعاد الحاضرين بمداخلة خفيفة لطيفة، بل بشهادة أنيقة، جاء فيها: الشكر الجزيل للنادي الأدبي في الرياض على تكريمه من يستحقون التكريم وذلك لإسهاماتهم في مجابهة التيارات التي ترمي إلى إضعاف اللغة العربية.. في عام 1971م ابتُليت بمعرفة أبي خالد الدكتور محمد الهدلق، ومن تحدث عنه في هذه الليلة وهو الدكتور عبد العزيز المانع، ابتُليت بمعرفتهما وابتُلِيَا أيضًا بمعرفتي، فأصبحنا منذ تلك المعرفة لا نفترق والحمد لله، أنا مبسوط، ولا أدري إن كانا كذلك، لكن ليس لهما إلا أن يصبرا.. في عام 1972م كنت قد حصلت على الدكتوراه من جامعة أدنبرا، وتكرم أبو خالد وأقام لي مأدبة غداء (غدوة) بعد استلامي شهادة الدكتوراه، وكانت وما زالت حتى الآن رائحة ذلك الغداء في ذهني، واسمها (هندية) وكانت جميلة جداً.. والحقيقة أن معرفتي عن أبي خالد أنه متخصص بالنقد الإسلامي؛ النقد العربي القديم، ولكنه أيضاً حجة في الحكم على النقد الأدبي الحديث، عرفت ذلك حق المعرفة من خلال مزاولتي لعملي وهو في جائزة الملك فيصل العالمية. أما الشِّقُّ الثاني من وقفتي، فكان مع قصيدة مائزة للشاعر سعد الغريبي، تحت عنوان: «أُمُّنَا الْحَبِيبَةُ»، شدا بحروفها النابضة احتفاءً باللغة العربية في يومها العالمي، وإسهاماً في تكريم المحتفَى بهما، وهي في واقع الأمر إهداء سامق عابق يُقَدَّمُ لكل حريص على سلامة لغتنا العربية الجميلة، وإذ أؤكد أنني أمام قصيدة - وقد قرأت الكثير - من أروع ما قيل دفاعاً اللغة العربية، لَأَسْتَأْذِنُ الشاعر الكريم في رسم حروفه ها هنا كما سمعتها منه، والأمل يحدوني ألا أكون قد أحدثت أي خلل في تشكيلها: صَوَّبْتُ أَخْطَاءً لَهُ فِي نَصِّهِ فِي النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ وَالْإِمْلَاءِ فَاغْتَاظَ مِنِّي وَانْبَرَى مُتَوَعِّداً بِاللَّهِ كَيْفَ تَعُدُّ لِي أَخْطَائِي مَنْ أَنْتَ حَتَّى لِلصَّوَابِ تَدُلُّنِي وَكَأَنَّنِي مِنْ سَائِرِ الْجُهَلَاءِ أَنَسِيتَ أَنِّي سَيِّدُ الْكَلِمَاتِ بَلْ مَلِكُ الْبَيَانِ وَمُرْشِدُ الْحُكَمَاءِ وَمُؤَدِّبُ الصِّبْيَانِ فِي كُتَّابِهِمْ وَمُعَلِّمُ الْكُتَّابِ وَالْأُدَبَاءِ إِنِّي أَتَيْتُ لِهَذِهِ الدُّنْيَا وَقَدْ أُلْهِمْتُ فَنَّ النَّثْرِ وَالْإِنْشَاءِ وَحَفِظْتُ آيَاتِ الْكِتَابِ مُجَوِّداً وَمُجَلَّدَاتِ السُّنَّةِ الْغَرَّاءِ وَلِسِيبَوَيْهِ قَرَأْتُ مُنْذُ طُفُولَتِي وَلِسَائِرِ الْأُدَبَاءِ وَالبُلَغَاءِ وَحَفِظْتُ مِنْ كُلِّ الْعُصُورِ قَصَائِداً لِفَطَاحِلِ الرُّجَّازِ وَالشُّعَرَاءِ وَالْيَوْمَ تَأتِي عَابِثاً لِتَقُولَ لِي أَخْطَأْتَ فِي نَحْوٍ وَفِي إِمْلَاءِ فَأَجَبْتُهُ عَفْواً مُعَلِّمَ جِيلِنَا بَالَغْتَ فِي شَتْمِي وَفِي إِيذَائِي لَكِنَّنِي عَفُّ اللِّسَانِ مُهَذَّبٌ وَلِذَا سَأَصْفَحُ عَنْ بَذِيءِ هِجَائِي لَمْ أَنْتَقِصْ مِنْ عِلْمِكُمْ أَوْ قَدْرِكُمْ تَأْبَى عَلَيَّ مُرُوءَتِي وَوَفَائِي فَمُعَلِّمِيَّ أُعِزُّهُمْ وَأُجِلُّهُمْ وَأَعُدُّهُمْ فِي الْفَضْلِ كَالْآبَاءِ لَكِنَّهُمْ لِمْ يُعْصَمُوا مِنْ هَفْوَةٍ أَوْ غَلْطَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأَخْطَاءِ وَإِنِ ادَّعَى أَحَدٌ كَمَالَ عُلُومِهِ فَلِأَنَّهُ مِنْ أَجْهَلِ الْجُهَلَاءِ يَا سَيِّدِي لَمْ أَنْتَقِدْ لَكَ سِيرَةً بَلْ أَنْتَ عِنْدِي سَيِّدُ الْفُضَلَاءِ كُلُّ الْقَضِيَّةِ أَنَّنِي مُتَحَمِّسٌ لِلضَّادِ رَمْزِ عُرُوبَتِي وَإِبَائِي لُغَةُ الْعُرُوبَةِ مِنْ خَلِيجِهِمُ إِلَى شَطِّ الْمُحِيطِ الْأَطْلَسِيِّ النَّائِي شَرُفَتْ بِوَحْيِ اللَّهِ لَمَا أُنْزِلَتْ آيَاتُهُ بِحُرُوفِهَا الْغَرَّاءِ فَغَدَتْ لِسَانَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا تَلَوْا قُرْآنَهُمْ فِي سَائِرِ الْأَنْحَاءِ وَغَدَتْ لَهُمْ لُغَةُ الْحَضَارَةِ مِثْلَمَا أَضْحَتْ لَهُمْ لِتَعَبُّدٍ وَدُعَاءِ لُغَتِي كَأُمِّي إِنْ يُسِئْ أَحَدٌ لَهَا يُصْبِحْ لَدَيَّ كَأَشْرَسِ الْأَعْدَاءِ مَنْ ذَا الَّذِي يَرْضَى إِهَانَةَ أُمِّهِ إِنْ كَانَ صَاحِبَ نَخْوَةٍ وَحَيَاءِ وَلَقَدْ أَسَأْتَ إِلَى الْحَبِيبَةِ أُمِّنَا شَوَّهْتَ حُسْنَ جَبِينِهَا الْوَضَّاءِ أَصْبَحْتَ مِعْوَلَ هَدْمِهَا وَاحَسْرَتِي فِي حِينَ خِلْتُكَ لِبْنَةَ الْبَنَّاءِ وَلِذَاكَ تَلْقَانِي غَضِبْتُ لِأَجْلِهَا وَأَبَنْتُ بَعْضَ صُنُوفِ عِدَائِي وَلَسَوْفَ أَمْضِي فِي الْحَيَاةِ مُجَاهِداً وَمُنَافِحاً عَنْهَا وَلَوْ بِدِمَائِي وأختم بإشارة إلى نداء أصيل جاء أثناء مداخلة مهمة للأستاذ فيصل العواضي؛ أحد منسوبي محبوبتنا (جريدة الجزيرة)، نبّه خلاله إلى أسلوب شباب اليوم في كتابة اللغة العربية عبر قنوات التواصل الاجتماعي؛ إذ يستبدلون بعض الحروف بالأرقام، وبات هذا الأسلوب معروفاً بلغة (الْعَرَبِيزْ)، وأضم صوتي لصوته بأن هذا الأمر يُشكِّل خطورة حقيقية على أجيالنا القادمة، وأضيف إليه شكلاً آخر من أشكال الخطورة؛ ذاك المتمثل في استخدام سياسيينا للغة الإنجليزية في المحافل الدولية، وقد أشار الدكتور المانع إلى هذا الأمر، ليس هذا فحسب، بل نجد الكثير من مؤسساتنا المختلفة يستخدمون اللغة الإنجليزية في حواراتهم ومراسلاتهم الداخلية والخارجية، إضافة إلى ظاهرة إقحامنا بعض مفردات اللغة الإنجليزية أثناء حواراتنا اليومية. بقي لي هنا أن أُهنئ الأديبين الجليلين بهذا التكريم، وأُهنئ بهما لغتنا العربية، أما النادي الأدبي، فتبقى عبارات الشكر قاصرة.