أي امرأة لا بد أنها ملكة على عرش قلب رجل ما، وكثيراً ما تندرت السعوديات على وصفهن بـ «الملكة» المخدومة في كل شيء، تلك الخدمة التي يمكن اعتبارها ذراً للرمل في العيون، ففي كثير من الأحيان سلبت الملكة كثيراً من الحقوق، نحمد الله أن حكومتنا ممثلة في بعض الجهات باتت تقنن ذلك، وتصدر الأنظمة والتشريعات التي تعيد الملكة إلى عرش حقيقي فقدته بفعل اجتماعي بحت، وتكسر العروش الوهمية المدعاة، وهي في جهودها بحاجة إلى مساندة اجتماعية كبيرة، تبدأ بالمرأة نفسها. كثير من الآباء يلمح إذا كانت لديه طفلة صغيرة بعضاً من أساليب مقصودة أو غير مقصودة لصناعة «ملكات» المستقبل، وفق «الملكية» التي تسلب الحقوق ولا تعطيها، ويلحظ تكريساً مبكراً لمفاهيم بعضها قد يكون صحيحاً، لكن ابتداء طفلة صغيرة بها هو نوع من كسر الفرح والإقبال على الحياة، وهز الثقة وربطها في الاحتماء بظل رجل. كثير من التخويف، والتزهيد في الحياة إن صحت العبارة يغرس في نفوس الصغيرات، فتأتي إحداهن واجمة وجلة خائفة حتى من مصارحة أبيها أو أمها بأنها مثلاً مرعوبة من أن والدها الذي تحب سيدخل النار لأنه يشاهد قناة تلفزيونية بعينها، أو يستمع إلى إذاعة بعينها. نرى مثل هذه الهواجس في عيون الصغيرات، ولعلنا نربط بين وجومها، وبين ابتسامة صافية صادقة رأيناها على وجه وزير التعليم «أبومحمد» كما يريد عزام الدخيل من الموظفين والمعلمين والمراجعين أن ينادوه بدلاً من «صاحب المعالي»، فيجيء السؤال صغيراً في حجمه كبيراً في معناه، كيف سينقل «أبومحمد» هذا التفاؤل بالوطن والحياة والمستقبل إلى أذهان الصغيرات، والصغار بطبيعة الحال؟ كيف سيرسم النهج الفكري جنباً إلى جنب مع النهج الإداري؟ وكيف سيتيح للإبداع والموهبة أن يترجما إلى عز وقوة ومنعة للوطن؟ فرأيت الأسئلة كبيرة، ورأيت تركته أكبر مما يتخيل البعض من أنه تعيين عاطلات، أو تحقيق رغبات النقل، أو حتى حل إشكالية نقل المعلمات، وهي القضايا المهمة المعروفة، والمسيطرة على الإعلام. لن ينجح إلا بنا، بأن نكون أكثر صراحة مع أبنائنا، وأكثر مساءلة للمعلمات والمعلمين، فلا تخشى أن تقول لصغيرتك أو صغيرك إن الحديث عن عذاب القبر لا يزال مبكراً، وإن معلمتها لا تعرف أن الرحمة مقدمة على العذاب، وإن الحب روح الدين، وأساس علاقة الخالق بالمخلوق. لن ينجح إلا إذا تجرأنا على أعداء الحياة، رفعنا الهاتف أو ذهبنا إليهم، وقارعناهم الحجة بالحجة، والتشاؤم بالتفاؤل، والقشور والمظاهر بالقيم الحقيقية والأخلاق المؤسسة في أنفس وأرواح الصغار. سينجح إذا أعدنا معه التيجان الملكية المدعاة إلى مبتدعيها، وتسلمنا تيجاناً حقيقية تبني إنساناً متوازناً، نحب أن يكون متديناً، وخلوقاً، ثم متعلماً، لكنه محب، وليس كارها، أو مصبوباً في بوتقة مستنسخة يريد البعض كل الناس عليها. حملك ثقيل أيها الوزير المبتسم، سيخف طالما حافظت على ابتسامتك، وسيزول إذا تعلمنا جميعاً الابتسام والاحترام مع كل حوار نظري وسلوك حياتي واقعي. mohamdalyami@