الأحساء ـ مصطفى الشريدة شبه خبير اقتصادي الانخفاض الحالي لأسعار النفط بالسكتة القلبية التي تصيب الإنسان، حيث قال الدكتور عبدالله الحسن في محاضرة ألقاها مساء أمس الأول في منتدى بوخمسين الثقافي في الأحساء بأن الأسعار بحاجة إلى عملية إنعاش حتى تتحسن، حيث لم يتوقع أن يحصل ذلك قبل عدة سنوات. وأرجع الحسن مستشار صندوق النقد الدولي سابقا انخفاض أسعار النفط إلى عدة عوامل 35% منها فقط بسبب انخفاض الطلب بينما تتوزع النسبة المتبقية ما بين مستويات الطلب وعوامل أخرى. وأضاف الحسن بأن المملكة كانت دائما وعلى مدى العقود الماضية المنتج المرجح لأسعار النفط صعودا أو هبوطا، حيث كانت تزيد إنتاجها في حال حصول نقص في إمدادات النفط فتنخفض الأسعار، بينما تقوم بإنقاصه في حال وجود فائض منه فترتفع، لكن هذا التوجه كان في الغالب على حساب الحصة السوقية للمملكة، لذلك فقد كانت تتكبد خسائر مالية في بعض الأحيان، أما خلال الأزمة النفطية الراهنة أضاف الحسن فإن المملكة فضلت أن تحافظ على حصتها النفطية بغض النظر عن السعر الذي سيصل إليه النفط. وقال المستشار الاقتصادي والذي يعتبر أول سعودي يعمل في صندوق النقد الدولي بأن رؤيته حول قرار المملكة كان قرارا حكيما ولصالحها وصالح السوق النفطية على المدى البعيد، وأن سوق النفط الصخري بدأ بالانكماش فعليا، ويتوقع أن ينكمش أكثر مع الوقت. أما عن تأثيرات أسعار النفط على الاقتصاد السعودي فقد توقع الدكتور الحسن أن تتأثر الميزانية العامة للدولة بذلك، خاصة أن السعر المناسب حتى تتعادل إيرادات المملكة مع نفقاتها هو 80 دولارا للبرميل (حسب صندوق النقد الدولي)، وهو أكثر من ضعف السعر الحالي للنفط، لكن المملكة تعوض عن ذلك حاليا بالاستناد إلى احتياطاتها المالية والتي تبلغ تريليون و 500 مليار ريال، خاصة وأن هناك شبه انعدام في الدين العام للمملكة. وقال الحسن بأن هناك من الدول النفطية من يفصل بين حجم الميزانية وأسعار النفط ويعطي أولوية للصناديق السيادية وذلك لمصلحة الأجيال القادمة. وفي ختام محاضرته التي حضرها عدد كبير من المهتمين بشؤون النفط والطاقة قدم الدكتور عبدالله بعض التوصيات لإدارة الوضع المالي في المملكة، والتي كان منها إنشاء مجلس مالي متخصص يعمل به اقتصاديون متخصصون ومحايدون يقدمون توصيات للدولة للتعامل مع الشؤون المالية وإدارة الأزمات المالية ويقوم بالتواصل مع الجمهور ومراجعة التوقعات الاقتصادية، حيث يوجد نحو 30 مجلسا ماليا حول العالم، كما قدم الدكتور عبدالله توصية بأن تكون المملكة إضافة إلى كونها أكبر مصدر للنفط، أكبر مصدر للمعرفة المرتبطة بالطاقة، وقال بأنه يوجد لدينا مركز بحوث (هو مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية)، لكننا بحاجة إلى أن يضطلع هذا المركز بدوره لنشر المعرفة حول الطاقة عبر نشر البحوث والدراسات بمختلف لغات العالم بدل اعتماد العالم على الدراسات والبحوث التي تصدر من مراكز الدراسات الغربية في الغالب.