"قدّر الله وما شاء فعل"، عبارة تتكرَّر عند النوازل، إيمانًا بالله وبقدره وبقدرته، التي لا راد لها إلاّ هو سبحانه وتعالى. فعندما شاءت الأقدار أن يتولى الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في البلاد قدّر الله أن يتغيَّر المناخ الاقتصادي العالمي، وترتفع أسعار الطاقة إلى مستويات لم تعهدها من قبل؛ وصلت إلى مئة وعشرة دولارات، ونزلت مع آخر أيام حكمه قبل وفاته -يرحمه الله- إلى خمسين دولارًا للبرميل الواحد من الزيت الخام. وبما أن المملكة العربية السعودية أكبر منتج للبترول، فقد قفزت العائدات النفطية أضعافًا مضاعفة، وتلقّفتها يد كريمة بسياسة حكيمة، وجّهت الجزء الأكبر منها للإنفاق المحلي والتنمية في كل الاتجاهات، "تعليم.. وصحة.. وضمان اجتماعي.. واستكمال البنى التحتية في المدن والمحافظات". امتد العطاء إلى العالم الخارجي عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًّا، حتى أصبح اقتصاد المملكة واحدًا من بين عشرين أكبر اقتصاد في العالم، يُعزِّز ذلك الاحتياطات الضخمة والمشاركة في نجدة الدول المنكوبة، وكافة مشروعات الأمم المتحدة للإغاثة والتنمية العالمية. صاحب ذلك انفتاح الأفق السياسي والمشاركة في الأنشطة الدولية بصدق وشفافية ومصداقية عالية. مشاهد مراسم العزاء في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أكبر شاهد على مكانة الفقيد ومكانة المملكة التي رعاها واحترمها الجميع بفضل من الله وبفضل السياسة الحكيمة. حيث كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز رجل وفاق، ورسول سلام، وصاحب مبادرات، وقائد شهم له مواقف شجاعة انعكست نتائجها الإيجابية على الداخل والخارج. الاعتراف التاريخي الواضح بدور المرأة في الحياة العامة وتمكينها من المشاركة في الحياة السياسية من خلال تعيين أول امرأة برتبة وزير، تبعه تكريم عدد من النساء كالدكتورة "خولة الكريع" وغيرها من نساء مجتمعنا النابغات، وتعيين ثلاثين امرأة من خيرة نساء المجتمع سمعةً وكفاءةً أكاديميةً عاليةً، وتجاربَ عمليةً رسمت لوحة في تاريخ الوطن بارزة تحت اسم مخرجها إلى حيّز النور "عبدالله بن عبدالعزيز"، لتبقى مضيئة إلى الأبد -بإذن الله تعالى-. المرحلة النهضوية التي يعيشها الوطن ستجني ثمارها الأجيال القادمة، وسيذكرون لحظتها وظروفها التي مكّنت من النقلة النوعية ومقوماتها الأساسية. وفي تقديري أنه عندما يُكتب تاريخ قادة الأمم العظام سيُوضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في مصاف قادة عظماء كـ"تشرشل وديقول وكندي"، وكُلٌّ له مقامه وبصماته التاريخية وتأثيره العميق على وطنه ومجتمعه، ورؤيته العالمية بأسلوبه القيادي ومواقفه الحاسمة وشجاعته، ويزيد الملك عبدالله بإنسانيته. انتقال الحكم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بسلاسة وانتظام يُعدُّ دليلاً واضحًا بأن لدينا نظامًا لاستمرارية مسيرة الخير والعطاء، والأمن والاستقرار بعون من الله وتوفيقه. وكما كان عهد الملك عبدالله بداية مرحلة إصلاح إداري وإنجازات عظيمة، فإن عصر الملك سلمان سيضيف لها ويفتح آفاقًا جديدة للتطور والنماء، مستندًا لخبرة عميقة وإطلاع واسع وبصيرة ثاقبة يحملها الملك سلمان الذي يُدرك حق الإدراك متطلبات العصر، والمخاطر الجسيمة التي تحيط بالأمة العربية في هذه المرحلة. التشكيل الوزاري الجديد وخطة الطريق التي صدرت بها الأوامر الملكية في أول أسبوع من ولاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والعطاء المتدفق الذي أمر به، تُؤكِّد على استمرار النهضة التنموية، والهيكلة الجديدة لأجهزة الدولة سيكون لها صدى محلي ودولي لما تحمله من توجه إداري جاد يواكب العصر، ويضع المملكة في مصاف دول العالم الأول -بإذن الله تعالى-. من الواضح أن الاهتمام بالإصلاح الإداري وتحسين الأداء سيظل يحتل المقام الأول بين أولويات العهد الجديد، كما أن تفاعل المواطن مع التوجه الجديد هو الضامن الحقيقي لنجاح خطة الهيكلة الجديدة لأجهزة الدولة. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمير مقرن، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وأدام على وطننا الأمن والاستقرار. Salfarha2@gmail.com