تقول عقدة النقص عندي: (أنني تجاوزت الثانوية العامة بصعوبة)؛ لذلك أهاجم حملة شهادة الدكتوراه؛ لأنها كانت حلماً عجزت عن تحقيقه، وأن وصفي لهم بالعاجزين عن خدمة البلاد والعباد مجرد «حلطمة» باتت أكثر تكراراً؛ بسبب توهمي أنهم يمتلكون حلول إنقاذ لاقتصاد ومجتمع بلادي. أتمسك بوهمي اتجاه أن الكادر الأكاديمي -وليس قيادات الدولة فقط- يملكون أدوية لكل أمراض بلادي الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، لكنني لست واثقاً من كون السبب عدم رغبتهم في المشاركة، أو أنهم أيضاً ضحايا دوائر داخل الحكومة لا تسمح لكل رأي سديد بحيازة حظوظ تفعيل. يوجد في جامعاتنا عشرات الآلاف من حملة شهادات الدكتوراه، لكنهم -على حد علمي- يمارسون مهام أقرب إلى ما يفعله الكادر التعليمي في مدارسنا الابتدائية، بما في ذلك تسجيل اسم الطالب الجامعي المتغيب عن المحاضرة، بينما السؤال الأكبر يتمحور حول أسباب امتداد سنوات حيازة شهادات الماجستير والدكتوراه لطلاب وطالبات جامعاتنا أكثر مما جربه واختبره طلاب الابتعاث في جامعات أجنبية. كان الجواب يحمل اتهام مماطلة، يمارسه المشرفون والمشرفات على رسائل الدراسات العليا في جامعاتنا، وعدم جدية في رعاية حماسة الطالب والطالبة، ولاسيما تجاه قراءة ما أُنجز في بحثهما الميداني أو النظري، ويواجهان تملصاً يمتد أشهراً عدة -أحياناً- من لقاء الدارس أو الدارسة، وفق شكوى من طلاب دراسات عليا في جامعة الملك عبدالعزيز أثناء جمعي موارد وشهادات لهذه المقالة. يأتي المأزق الثاني في عدم حيازة الطالب -في أحايين كثيرة- مشرفاً مخضرماً في مجال تخصص الرسالة، ثم الأهم من ذلك عدم رغبة المشرف في قراءة سريعة لأجزاء من الرسالة يرسلها الطالب بالبريد الإلكتروني أو يسلمها ورقياً للمشرف، ومن ثم فإن طالب الدراسات العليا يتعرض إلى فترة بطالة إجبارية وتعطيل تصل أوقاته إلى أسابيع عدة، فالطالب في حاجة إلى مناولة المشرف ملاحظاته مبكراً حتى لا «يدرعم» ويبذل جهداً قابلاً للشطب. يبرر المشرف على الرسالات الجامعية تماطله -وفق ما نقله طلاب دراسات عليا- بانشغاله في التدريس الأكاديمي، لكن الطلبة قالوا إن كادرهم الأكاديمي المشرف على دراسات طلبة جامعاتنا يركضون خلف منافع مالية من الإشراف على طلاب الانتساب أو الدبلوم المدفوع، يهملون رسائل ماجستير ودكتوراه لطلبة الجامعات؛ لقلة العائد المادي، ومن ثم فإن حيازة رسالة دكتوراه في جامعة سعودية مرشحة للامتداد خمسة أعوام، وربما أكثر. يطالب طلاب دراسات عليا في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة بضرورة الاستنجاد بلجان مستقلة عن الكادر الأكاديمي، تتولى الإشراف المباشر على الأبحاث العلمية، أو يتم تنصيبهم كجهات رقابية على مدى التزام المشرف الأكاديمي بجدول زمني محدد، والتأكد من حيازة الطالب مقابلات مباشرة مع المشرف، لحماية موارد الدولة، ولاسيما تجاه طلبة الدراسات العليا الموجودين -أصلاً- ضمن الكادر الأكاديمي للجامعة، وتمكينهم من ممارسة التدريس في الجامعة. قال الطلبة شكواهم، أما أنا فأقول إن السعودية بحاجة إلى قرار عاجل بمنح كل جامعة استقلالية كاملة، وأنظمة إدارية مماثلة للجامعات الغربية، والخروج بها من موقعها الحالي الأقرب إلى مربع الثانويات العامة المتقدمة، والسماح لها بالخروج من عباءة وصاية الوزارة، بينما تطوير البحث العلمي يحتاج إلى إعادة غربلة، تبدأ وتنتهي عند مراعاة مصلحة الوطن أولاً، وعمر الطالب وجهده ثانياً. يقول البدو: «دخل الدخيل وسلم»، وأنا أقول: دخل الوزير الدخيل إلى دائرة صناعة مستقبل جامعتنا، وبحثنا العلمي، ونرجو أن يسلم مستقبلنا الأكاديمي من كل عثرات الماضي، بما في ذلك تكاسل المشرفين الأكاديميين على دراساتنا العليا. jeddah9000@