لأول مرة في تاريخها، اتفقت الأحزاب العربية داخل الخط الأخضر على خوض انتخابات «الكنيست» المقرر إجراؤها في 17 آذار (مارس) المقبل، ضمن قائمة واحدة لتجاوز نسبة التصويت المطلوبة وهي 3،3%. ويرى متابعون سياسيون أن تجميع قوى الكتل العربية الأربع في كتلة واحدة، سيشكل ثقلاً سياسياً حقيقياً في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحلفائه من أحزاب اليمين. وعلى الرغم من توقع استطلاعات الرأي أن يمثل الكتلة العربية الجديدة 12 نائباً، وهو عدد نواب الأحزاب العربية ذاته تقريباً في «الكنيست» الحالية، إلا أن وحدة الأحزاب العربية ستزيد من نفوذها السياسي وقدرتها على المشاركة في اللجان البرلمانية المختلفة. هناك أسباب دفعت الكتل العربية الممثلة في الكنيست الحالية إلى الوحدة، وفي المقدمة التحديات التي تواجه الأقلية العربية، والمتمثلة في رزمة من القوانين العنصرية ضدها خلال حكم نتانياهو، ناهيك عن إمكان الحفاظ على المقاعد النيابية، بل العمل على زيادتها إذا أمكن، بعد أن رفعت حكومة نتانياهو نسبة نسبة الأصوات التي ينبغي الحصول عليها لدخول البرلمان الى 3،3 %، وذلك للحد من احتمال دخول الأحزاب العربية والصغيرة إلى الكنيست. أما الأحزاب والقوى الفاعلة بين الأقلية العربية في إسرائيل، التي ستخوض انتخابات الكنيست، فهي تتوزع على ثلاثة تيارات سياسية هي التيار الإسلامي والقومي، والتيار الشيوعي، وتتنافس في ما بينها، وتختلف على أمور وقضايا وتتفق على قضايا جوهرية. وهناك قواسم مشتركة عديدة بينها، لكن القاسم المشترك الأكبر هو الصمود ومواجهة محاولات إسرائيل ترسيخ فكرة «يهودية الدولة». ويرى سياسيون أن تشكيل قائمة عربية موحدة لخوض الانتخابات الإسرائيلية يقلق الأحزاب الإسرائيلية لسبيين، الأول هو إمكان صعود قوة منافسة للقوى الإسرائيلية التقليدية، والثاني يتمثل في إمكان تشكيل قوة عربية قادرة على مواجهة سياسات إسرائيل الرامية إلى تهويد الجليل والنقب. ويبدو أن الفرصة باتت متاحة للقائمة العربية الموحدة لتكون القوة الثالثة أو الرابعة في «الكنيست» العشرين، وستكون قوة حيوية مؤثرة في تركيبة المعارضة وفي اللجان البرلمانية في الوقت ذاته. ولذلك أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن نتانياهو سيحاول إفشال استكمال مساعي الوحدة بين الأحزاب العربية، وأوكل هذه المهمة الى أحد مستشاريه، وهو رئيس مكتبه السابق ناتان إيشيل. كما اعتبر وزير الخارجية وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني أفيغدور ليبرمان، أن هدف القائمة العربية هو القضاء على إسرائيل كدولة يهودية. وقال «إن اتحاد الأحزاب العربية يكشف ما كان معروفاً وحاولوا حتى اليوم إخفاءه». وأضاف: «بالنسبة الى الأحزاب العربية، ليس مهماً إذا كنت إسلامياً أو شيوعياً أو جهادياً، فالهدف المشترك لهم واحد، وهو جلب دولة إسرائيل إلى نهايتها كدولة يهودية. هذا هو الهدف الذي يوحدهم وهذا هو هدفهم». ومن المهم الإشارة الى انه تمّ تشكيل القائمة العربية الموحدة قبل أيام، وسيترأسها المحامي ايمن عودة من «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة» التي يعتبر الحزب الشيوعي عمودها الفقري، وتضم كلاً من حزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، والحركة الإسلامية الجنوبية و «الحركة العربية للتغيير». وتضم القائمة 15 من الشخصيات السياسية والناشطين الاجتماعيين، من مسلمين ومسيحيين، بالإضافة الى يهودي ودرزي وبدوي وثلاث نساء. ونص الاتفاق على القائمة العربية الموحدة، على أن تضم أيمن عودة، والنائب مسعود غنايم، والنائب جمال زحالقة، والنائب احمد الطيبي، والمرشحة عايدة توما سليمان، ورئيس بلدية الطيبة السابق عبد الحكيم حاج يحيى، والنائب حنين زعبي، والنائب دوف حنين، والنائب طلب أبو عرار، والمحاضر يوسف جبارين، والنائب باسل غطاس. ويرى محللون أنه من شأن هذه القائمة أن تكون القوة الرابعة في «الكنيست» إذا تجاوزت نسبة تصويت الأقلية العربية الـ75 في المائة من إجمالي من يحق لهم التصويت، خصوصاً أن وحدة هذه الأحزاب تحقّقت بعد سنوات طويلة من مطالبة شريحة واسعة من الجماهير العربية داخل الخط الأخضر بها. وعلى الرغم من الاتجاه العام الذي يرجح فوز أحزاب اليمين الإسرائيلي بعدد كبير من مقاعد «الكنيست» المقبلة، لكن خوض الأحزاب العربية بقائمة موحدة سيكون له بالغ الأثر على صناعة القرار في إسرائيل، وتحقيق مزيد من مطالب الأقلية العربية على الصعيد الاقتصادي والتعليمي، كما يمكن أن يحد من عاصفة التهويد أيضاً.