عندما صدرت الأوامر الملكية الكريمة ليلة الجمعة الماضية، لم أفاجأ إطلاقاً بأن معالي وزير العمل المهندس عادل فقيه، لم يكن ضمن الوزراء الذين تم إعفاؤهم، رغم أنه مضى على تنصيبه وزيراً للعمل فترة ليست بالقصيرة؟؟ فهل يعني ذلك أن معاليه من الجيل الجديد!! الذي قال كثير من الكتاب والمحللين أنه السبب الرئيس وراء اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله ووفقه) لهذه الدماء الشابة المفعمة بالنشاط والحيوية المستمدة من نظام الشركات المعروف بصرامته ومحاسبته لمن يعمل به على قدر إنتاجيته!! بالتأكيد الإجابة هي (نعم)!! معالي المهندس فقيه رغم أن سنه يتفاوت مع معظم الوزراء الجدد الذين تم تعيينهم، إلا أن هذا الرجل يتمتع بروح الشباب وعقلية الجيل الجديد وذاكرة قوية تجعله يتذكر أبسط الأشياء التي طلبها من ذلك المسؤول ليتابعها معه بنفسه. من خلال عملي في وزارة الصحة منذ فترة ليست بسيطة خولتني بمعاشرة عدد (5) وزراء ابتداءً من معالي وزير الصحة أسامة شبكشي ثم المانع ثم الربيعة ثم المهندس فقيه وأخيراً آل هيازع قبل أن يتم إعفاؤه بعد فترة بسيطة من تكليفه وتعيين معالي وزير الصحة الجديد أحمد الخطيب. فرغم أن فترة المهندس فقيه في الصحة لم تتجاوز الـ 8 أو الـ 9 أشهر جاء خلالها مكلفاً بالإضافة إلى عمله وزيراً للعمل ومنقذاً لحال الصحة الذي كاد أن يوشك على الانهيار وانتشار مرض كورونا لدرجة أنه كان هناك تخوف كبير من أن يتحوّل إلى وباء، ويفتك بأبناء الشعب، خصوصاً بعد خروج الوزير السابق في تصريح يتصدر إحدى الصحف المحلية، أزعج المواطنين كثيراً، عندما قال لهم لا أعدكم بالقضاء أو السيطرة على كورونا أو فيما معناه!! فقيه كانت أول زيارة له بعد تكليفه هي لمستشفى الملك فهد بجدة الذي كان به أكبر عدد من حالات كورونا، فوقف على الوضع وأصدر عديداً من القرارات التي أسهمت في السيطرة على هذا المرض ولله الحمد والمنة، كان من أهم تلك القرارات قرار استحداث مركز القيادة والسيطرة والتحكم الذي دججه بأعلى الكفاءات وأفضل الخبرات، وأعطيت ميزات مالية تستحقها مقارنة بجهدها الذي يستمر على مدار الـ 24 ساعة في معظم الأيام!!. نجح فقيه أيضاً عندما أيقن وأسرَّ لمستشاريه أن داء وزارة الصحة أو (كورونا) وزارة الصحة كما وصفها معاليه حينها، يكمن في ضعف التواصل بين العاملين بالوزارة وبين المسؤولين، ووجد أن أنظمة الوزارة ما زالت روتينية ومعقدة أسهمت بشكل كبير في هذا الداء!! فلكم أن تتصوروا أن عدد منسوبي الوزارة يتجاوز 231 ألفاً ولا يستخدم البريد الإلكتروني الوزاري منهم أكثر من 1000 شخص فقط!! إذن كيف سيتم التواصل معهم بشكل مباشر وسريع وكيف تستطيع الوزارة إمدادهم بالمعلومة السريعة والمهمة حول أي أمراض أو إجراءات احترازية، وكم سيستغرق الأمر لو انتظرنا إلى إرسالها بالطرق التقليدية (خطاب ورقي ومن ثم فاكس وبعدها يعمم على المناطق ويعمم مديرو المناطق إلى مساعديهم.. و.. و إلخ)!! عندها أصدر معاليه أوامره بالاشتراك في تطبيق (Yammer) وهو تطبيق يشبه برامج التواصل الاجتماعي تستخدمه الشركات الكبرى ووزارة الصحة الأمريكية للتواصل السريع مع منسوبيها، وبالفعل نجح واستطاع أن يكون حلقة وصل بين العاملين في الصحة والمسؤولين بالوزارة والمناطق بمجرد ضغطة زر!! ووجد صدى واسعاً بين أبناء الصحة وبدأوا في التفاعل والطرح والمشاركة وفوق كل ذلك كان فقيه يشارك معهم ويستمع لمتطلباتهم حتى وإن لم يتمكن الرد عليها جميعاً، فتحوَّل (يامر) إلى بيئة تواصل فاعلة جداً أسهمت بشكل كبير في إيصال المعلومة في وقتها المناسب، وقد توقف (يامر) حالياً بدعوى دراسة إيجابياته وسلبياته ومن ثم إصدار القرار بإعادته أو وأده!! ولعلي هنا أطب من معالي وزير الصحة الجديد الاطلاع عليه وعلى مدى التفاعل معه وأنا متأكد بمشيئة الله أنه سيعيد نبض الحياة إليه وإلينا!! استحدث فقيه أيضاً مسمى سفراء التواصل بالمناطق وتم اختيارهم بناء على (سيرهم الذاتية) التي أرسلوها لإدارة التواصل الداخلي بالوزارة وهي إدارة مستحدثة أيضاً ومن أهم أهداف هؤلاء السفراء الوصول إلى أكبر عدد من العاملين في مناطقهم وإقناعهم بأهمية استخدام التقنية الإلكترونية والبريد الإلكتروني للحصول على المعلومة الهامة والمفيدة في نفس الوقت، إضافة للاستعانة بهؤلاء السفراء لدعم تنفيذ معظم البرامج الوزارية الجديدة التي حققوا فيها نسبة نجاح عالية، إضافة إلى الدور الهام المنوط بهم عندما يقومون بتمثيل رسالة وزارة الصحة وتوجهاتها خلال تلك الفترة. كما أسهم فقيه وفريقه باستقطاب الكفاءات الشابة من كافة المناطق دون تحيز أو وساطة في اختيارهم، بل تم اختيارهم بعد إجراء مقابلات شخصية لكل من رشح نفسه وأرسل سيرته على البريد الإلكتروني، ومن ثم تم إعداد البرامج التأهيلية والتدريبية ليكون لدى الوزارة صف قيادي شاب في مختلف التخصصات والإدارات، كان سيسهم بإذن الله في الرقي بالخدمات الطبية بالشكل الذي تطمح إليه حكومتنا أيّدها الله وأبناء شعبنا الكريم. عندما عاد فقيه إلى وزارته الأساس (العمل) وكتب رسالة شكر ووداع، سواء في صفحاته على تويتر أو الفيس بوك أو برنامج يامر، عجت بآلاف التغريدات، ممتنين له حسن تعامله وتواضعه الجم ومثمنين جهوده خلال تلك الفترة التي أشعرتهم فعلاً أن وزارة الصحة مقبلة على تغيير وتطور غير مسبوق.