×
محافظة المدينة المنورة

أوصيكم بالرفق والدعوة بالحسنى في المهمة النبيلة

صورة الخبر

باتا (غينيا الاستوائية): «الشرق الأوسط» واصل المنتخب التونسي لكرة القدم معاناته من عقدة المواجهة مع أصحاب الأرض ودفع ثمن مجاملات الحكام للبلد المضيف ليودع بطولة كأس الأمم الأفريقية الثلاثين بالخسارة 1-2 أمام منتخب غينيا الاستوائية في مباراة مثيرة للجدل بدور الثمانية للنسخة الثلاثين التي شهدت انتصار تاريخي للكونغو الديمقراطية على الكونغو 4 - 2. وسادت حالة من الغضب والحزن في شوارع تونس بعد الخروج المر، فيما وجه الإعلاميون والمحللون في المنابر الإعلامية انتقادات شديدة إلى حكم اللقاء ووصفته باللص كما انتقدت بشدة رئيس الاتحاد الأفريقي عيسى حياتو. وفقد المنتخب التونسي (نسور قرطاج) فرصة التأهل للمربع الذهبي للبطولة للمرة الأولى منذ تتويجه باللقب على أرضه في نسخة 2004 فيما بلغ منتخب غينيا الاستوائية المربع الذهبي للمرة الأولى في تاريخه الذي يقتصر على مشاركتين فقط حيث كانت المشاركة الوحيدة السابقة له عندما استضافت بلاده البطولة أيضا في 2012 بالتنظيم المشترك مع جارتها الغابون وخرج الفريق من دور الثمانية. وانتهى الشوط الأول من المباراة بالتعادل السلبي ثم سجل أحمد العكايشي هدف التقدم للمنتخب التونسي في الدقيقة 70 ليكون الهدف الثالث له في البطولة ويقتسم صدارة قائمة هدافي البطولة مع كل من الكونغولي تيفي بيفوما وخافيير بالبوا نجم غينيا الاستوائية الذي سجل هدفي فريقه في مباراة تونس في الدقيقتين الثالثة من الوقت بدل الضائع للمباراة من ضربة جزاء والدقيقة 102. وجاءت ضربة الجزاء المثيرة للجدل مع بداية الوقت بدل الضائع للمباراة لتقلب اللقاء لصالح غينيا الاستوائية وتفتح الطريق أمام أصحاب الأرض لقلب تأخرهم إلى فوز وتأهل تاريخي للمربع الذهبي وتمنع نسور قرطاج من تحقيق أول فوز لهم على المنتخب المضيف في تاريخ مشاركاتهم بالبطولات الأفريقية. وعقب اللقاء ظهر الغضب واضحا على الفريق التونسي ومدربه البلجيكي جورج ليكنز الذي أشار إلى أن ما حصل في مباراة ربع النهائي يعتبر أمرا سيئا للعبة حيث وضح أن هناك تحاملا على فريقه الذي لا يستحق الخسارة بهذه الطريقة. وقال ليكنز: «من الصعب تقبل قرار الحكم (في إشارة لركلة الجزاء)، فوز غينيا الاستوائية لم يكن مستحقا على الإطلاق، ليس بهذه الطريقة، فنحن كنا الفريق الأفضل». وتابع: «إنه أمر سيئ لكرة القدم وتونس لا تستحق ذلك.. النتيجة فرضت علينا، لقد كانوا يلعبون على أرضهم، وأنا نبهت قبل اللقاء بأنني آمل أن يكون الحكم بمستوى هذه المهمة، لكن لم يكن كذلك بكل بساطة، إنه أمر مخز». واحتسب الحكم راحيندرابارساد سيشورن من موريشيوس ركلة جزاء مشكوك في صحتها لغينيا الاستوائية حين اعترض المدافع حمزة المثلوثي كرة من أمام ايفان بولادو الذي وقع في منطقة الجزاء، فسجل منها بالبوا هدف التعادل في الوقت الضائع وفرض وقتا إضافيا، ثم أضاف هو نفسه هدفا ثانيا في الدقيقة 102. وأكد ليكنز على أن «المثلوثي لم يلمس اللاعب». ودان الاتحاد التونسي لكرة القدم «ألاعيب» نظيره الاتحاد الأفريقي للعبة، حيث صرح رئيس الوفد التونسي في البطولة وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي هشام بن عمران «هذه ليست سرقة.. هذا انتهاك. هناك نوع من الاعتداء لإرضاء المنتخب المضيف. الاتحاد الأفريقي عين حكما محليا (من موريشيوس) ككل مرة في أعماله القذرة». وتابع بن عمران «إنه (الحكم) خال من الشرف والإيمان والقانون. يتعين على الاتحاد الأفريقي أن يوقف ألاعيبه».من جهته دعا مهاجم العكايشي مسجل هدف تونس الوحيد رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم الكاميروني عيسى حياتو إلى الرحيل تعبيرا عن غضبه من الخطأ التحكيمي الذي أخرج «نسور قرطاج» من ربع النهائي. وقال العكايشي: «إنه أمر غير طبيعي، إنها علامة استفهام حول الاتحاد الأفريقي، حول عيسى حياتو (رئيس الاتحاد). لا يمكنه البقاء في كرة القدم الأفريقية ويجب أن يرحل». وأضاف: «الحكم فعل كل شيء لكي تفوز غينيا الاستوائية». من جهته، قال المدافع التونسي بلال محسني المحترف في رينجرز الاسكوتلندي: «إنها أفريقيا، فبسبب مباريات كهذه لا تتطور الأمور أبدا اللعبة في هذه القارة». وتابع: «للأسف، نحن كلاعبين محترفين في أوروبا نشارك لتطوير منتخبنا والبطولة لكي نظهر أن هناك لاعبين يمكنهم المنافسة مع جميع لاعبي العالم، لكن بعد الذي حصل لا يمكننا فعل ذلك أبدا». وأوضح: «إذا أكمل الحكام على هذا النحو، فأعتقد أن غينيا الاستوائية ستفوز بالكأس». وبدوره شن الإعلام التونسي هجوما عنيفا على الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وعلى حكم المباراة سيشورن لاحتسابه ضربة جزاء غير صحيحة وكتبت صحيفة «لابراس» الناطقة بالفرنسية أمس: «تونس تغادر كأس أمم أفريقيا مع شعور بالظلم لأنها كان تملك كافة الإمكانيات للإطاحة بالمنتخب المحلي الضعيف». وألقت الصحيفة باللوم أيضا على المدرب جورج ليكنز لتوخيه الحذر في مواجهة غينيا الاستوائية رغم أنه كان يملك أسلحة هجومية مهمة. وقالت صحيفة «الشروق» في صفحتها الأولى: «هزمنا الحكم» وأضافت في عنوان آخر «فضيحة تحكيمية تقصي الكتيبة التونسية». وقالت الصحيفة بأن «الحكم كان ينتظر سقوط أي لاعب غيني في منطقة الجزاء للإعلان عن ضربة جزاء وهذا لا يحدث للأسف إلا في أفريقيا». وانتقدت الصحيفة اعتماد ليكنز على خطة دفاعية والدفع بخمسة لاعبين دفاعيين مما عقد مهمة المنتخب التونسي الذي كان بإمكانه حسم المباراة مبكرا لو اعتمد أكثر على الهجوم. وكتبت صحيفة «الصريح» في الصفحة الأولى: «تونس 1 - سيشورن 2» مع وضع صورتين لحكم المباراة ورئيس الاتحاد الأفريقي عيسى حياتو. وأضافت في عنوان كبير «اللص»، في إشارة لانحياز الحكم لمنتخب البلد المضيف. وقالت الصحيفة بأن «سيشورن السارق لم يكن وفيا لسمعته ولم يستطع إنهاء المباراة دون أن يسرق مجهودات المنتخب التونسي بمنح أصحاب الأرض ضربة جزاء خيالية». وعلقت صحيفة «الصباح» على المباراة بعنوان كبير «الفضيحة» وأشارت إلى أن التحكيم الأفريقي عبث مرة أخرى بنتيجة مباراة كانت كلها لصالح تونس. ونقلت «الصباح» عن عضو الاتحاد التونسي لكرة القدم هشام بن عمران قوله: إن الاتحاد التونسي كان يتوقع المهزلة التحكيمية قبل انطلاق اللقاء. وأضاف بن عمران: «لقد لعبنا ضد الجمهور وضد الكونفدرالية الأفريقية وضد الحكم». من جهته وصف الأرجنتيني استيبان بيكر مدرب منتخب غينيا الاستوائية الفوز على تونس بأنه أشبه بالمعجزة، رافضا الدخول في جدل حول الخطأ التحكيمي. وقال بيكر: «تونس لعبت بشكل جيد جدا، فلديها بعض اللاعبين الذين يلعبون على مستوى عال بينما نضم لاعبا واحدا فقط في أحد الدوريات الأوروبية البارزة هو خافيير بالبوا». ويلعب بالبوا في استوريل البرتغالي. وتابع: «الفوز على تونس إنجاز، إنه تقريبا معجزة.. أشكر اللاعبين وشعب غينيا الاستوائية ورئيسها». وعن الغضب التونسي على النتيجة بعد ركلة الجزاء التي احتسبت في الثواني القاتلة قال بيكر: «أتفهم غضب التونسيين بسبب الخسارة، لأنه كانت لديهم القدرة على الفوز بفارق من الأهداف ولكنهم لم ينجحوا بذلك وفي النهاية كانت المباراة في مصلحتنا». وأضاف: «كل شخص سيرفض ركلة جزاء احتسبت ضده، فمن لن يحتج على ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة؟ كنت سأفعل ذلك أيضا، لكن يبقى عليك أن تسجل الركلة، ولحسن الحظ لدينا اختصاصي هو خافيير بالبوا». ولم يخف فرحته بالقول: «في هذه اللحظات أنا أسعد رجل في العالم». وبهذا الخروج تكون تونس قد فشلت في فك عقدة مزمنة تمثلت في الخروج من ربع النهائي التي لأزمتها منذ 2004 عندما استضافت البطولة وأحرزت اللقب الأول في تاريخها، وأيضا عقدة تخطي منتخب الدولة المضيفة في تاريخ مشاركاتها. وكان المنتخب التونسي تأهل إلى النهائيات من مجموعة حديدية ضمت السنغال ومصر حاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب وبوتسوانا. في المقابل، حققت غينيا الاستوائية إنجازا جديدا بتخطي ربع النهائي في ثاني مشاركة لها كما فعلت في نسخة 2012 التي استضافتها مع الغابون. واستبعدت غينيا الاستوائية من التصفيات لإشراكها لاعبا غير مؤهل، لكنها عادت إلى النهائيات من الباب الواسع لتحل مكان المغرب الذي طالب بتأجيل البطولة بسبب الفيروس القاتل «إيبولا»، فلم يجد الاتحاد الأفريقي مضيفا سوى غينيا الاستوائية. وتأهلت تونس إلى دور الثمانية بعد تصدرها المجموعة الثانية في الدور الأول برصيد 5 نقاط من تعادل مع الرأس الأخضر 1 - 1 وفوز على زامبيا 2 - 1 وتعادل مع الكونغو الديمقراطية 1 - 1. من جانبها، حلت غينيا الاستوائية ثانية في المجموعة الأولى برصيد 5 نقاط بفارق نقطتين خلف الكونغو بعد تعادلها مع الأخيرة 1 - 1. ومع بوركينا فاسو صفر - صفر، وفوزها على الغابون 2 - صفر. وخاضت تونس ربع النهائي للمرة الثامنة بعد أعوام 1996 عندما حلت وصيفة و1998 عندما خرجت على يد بوركينا فاسو بركلات الترجيح 7 - 8 (1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي) و2000 عندما حلت رابعة و2004 عندما توجت بلقبها الوحيد في البطولة و2006 حين خرجت على يد نيجيريا بركلات الترجيح (1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي) و2008 عندما ودعت أمام الكاميرون 2 - 3 و2012 بسقوطها أمام غانا 1 - 2 بعد التمديد. وقد حلت تونس ثالثة عام 1962 ورابعة عامي 1965 و1978 بيد أن الدور ربع النهائي لم يكن معتمدا وقتها. وفي اللقاء الآخر بربع النهائي تحولت أحلام الفرنسي كلود لوروا مدرب الكونغو في تحقيق نجاح آخر بكأس الأمم الأفريقية إلى كابوس وهو يشاهد فريقه ينهار بعد أن تقدم بهدفين ليخسر برباعية أمام الكونغو الديمقراطية. وكان لوروا يأمل في الوصول لأبعد مدى بالكونغو المغمورة لكن فريقه أهدر تقدمه بهدفين ليفقد فرصة التأهل لقبل النهائي. وقال لوروا بعد خسارته أمام منتخب قاده من قبل: «ربما هذه أسوأ هزيمة لي في البطولة.. يعلم المدربون أن التقدم 2 - صفر لا يضمن أي شيء لكن في الحقيقة كنت بدأت في الحلم والتفكير في قبل النهائي. لكن الحلم انتهى وهو كابوس فظيع الآن». ونال لوروا، 66 عاما، اللقب مع الكاميرون في 1988 وسبق له العمل مع غانا والسنغال وخاض 35 مباراة في النهائيات منذ مشاركته الأولى في 1986. وكانت بطولة 2013 شهدت فشل أول فريق يقوده لوروا في الوصول لدور الثمانية على الأقل بخروج الكونغو الديمقراطية من دور المجموعات. واستعاد لوروا سمعته الشهيرة سريعا بقيادة الكونغو لتجاوز التصفيات وتصدر المجموعة الأولى في البطولة التي تستضيفها غينيا الاستوائية مع عودة الفريق للنهائيات بعد غياب منذ عام 2000. وعند الدقيقة 62 كانت النتيجة تشير لتقدم الكونغو 2 - صفر لكن أداء الفريق تراجع بشدة، وعن ذلك قال لوروا: «نفتقر لقليل من الخبرة على أعلى المستويات في مثل هذا النوع من البطولات..كنا بحاجة لتوخي الحذر بشكل أكبر وأن نتحلى بمزيد من الصبر. ربما تملكتنا النشوة أزيد من اللازم. لكن هذه هي الحياة في كرة القدم».