×
محافظة المنطقة الشرقية

غرفة مكة : "التجارة والصناعة" تمنع كتابة "زكاة الفطر" على عبوات الأرز

صورة الخبر

بيروت: محمد خير يدفع اللاجئ السوري عبد الرحمن شهريا أكثر من ألف دولار أميركي، لقاء الحصول على خدمات له وعائلته، تتوزع على بدل إيجار للمنزل، وخدمات البناء الذي يقطن فيه، و4 هواتف جوالة يحملها وزوجته وولديه، إضافة إلى ثمن وقود لسيارته. ولا يتقاضى عبد الرحمن جزءا من هذه التكاليف من منظمات دولية «لأنه لم يسجل اسمه فيها كلاجئ»، ويعمل في ورشة لدهان الموبيليا في ضاحية بيروت الجنوبية. والتكاليف التي يدفعها عبد الرحمن، الهارب من جحيم الحرب في حلب (شمال سوريا)، تتشابه مع ما ينفقه السوريون في السوق المحلية اللبنانية لقاء الحصول على خدمات، وعادت بالمنفعة على السوق الاستهلاكية اللبنانية، رغم أن أكثر من مليون لاجئ سوري وضعوا الحكومة اللبنانية تحت أوزار الضغوط المادية، كما وضعوا البنية التحتية اللبنانية تحت ضغط يصعب تحمله.. لكن هؤلاء الذين يزيد عددهم على مليون ونصف المليون، حركوا الدورة الاقتصادية في لبنان، مما خلق مجموعات كثيرة تستفيد من وجودهم، أهمها تلك العاملة في قطاعات البناء والإيجارات، وقطاعات بيع المواد الغذائية والطبابة والصيدلة والاتصالات وسوق المحروقات وغيرها من القطاعات الاستهلاكية. وتغيب تلك المنافع غير المنظورة، عن النقاشات السياسية الدائرة على الساحة اللبنانية حول مستوى العجز الذي وصل إليه لبنان نتيجة الضغوط الاقتصادية والأمنية التي فرضها اللجوء السوري. ويقول صاحب فرن للخبز في ضاحية بيروت الجنوبية، إنه يخبز الآن «نحو طن من الطحين (الدقيق) يوميا»، بعدما كان يخبز قبل موجة اللجوء الكبيرة من سوريا إلى لبنان في مطلع العام 2013، نحو 400 كيلوغرام من الدقيق يوميا. ومثله، ارتفعت مبيعات متجر لبطاقات الهاتف الجوال المسبقة الدفع من 15 بطاقة كحد أقصى قبل موجة اللجوء، إلى 40 بطاقة «يستهلك السوريون معظمها». في لبنان، ينصبّ تركيز غالبية المعنيين على جوانب من تداعيات النزوح السوري على لبنان، بعيدا من المشهد الكلّي.. ويؤكد الخبير الاقتصادي كمال حمدان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن وجود السوريين في لبنان ينعش الاقتصاد المحلي، بعد سنوات على لجوء الهاربين من الحرب السورية إلى الدولة الشقيقة لبنان»، مشيرا إلى أن «أي استهلاك يترك أثرا إيجابيا على الاقتصاد»، مشددا على أن هناك «آلاف السوريين الذين تمت تغطيتهم صحيا عبر شركات التأمين المحلية، بالإضافة إلى مساهمتهم في تفعيل قطاع الاتصالات والنقل والمحروقات، فضلا عن ارتفاع معدل الخدمات الطبية والعلاج». ووفق حمدان، فإن زيادة الاستهلاك في لبنان سببها ارتفاع عدد النازحين.. و«نقوم بدراسات تحدد نسبة هذه الزيادة وسنرفعها إلى الأمم المتحدة»، مشيرا إلى أهمية ضخ الأموال من المنظمات الدولية إلى لبنان، الذي أسهم في ارتفاع السيولة في السوق المالية اللبنانية، موضحا أن النزوح له آثار على الاقتصاد الكلي في الزيادة بنمو الناتج المحلي. ويكشف حمدان أن عددا من السوريين الميسورين «يحاولون الحصول على رخص استثمار وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة من مطاعم ومطابع، وبالشراكة مع لبنانيين في الكثير من الأحيان»، لافتا إلى أن «عمل وإنتاج واستهلاك السوريين يزيد من الإنتاجية والطلب الكلي في الاقتصاد المحلي وينعشه، وأن وجود السوريين يرفع معدلات النمو الاقتصادي». وتشكل «قسائم اللاجئين» مادة دسمة يتهافت عليها التجار اللبنانيون من أجل الحصول على مكاسب. وهذه القسائم توزعها مؤسسات دولية على اللاجئين الذين يصرفونها على شكل مواد استهلاكية من شركات معينة يتم التعاقد معها، لكن هذا الواقع فتح أبوابا جديدة للربح أمام التجار، حيث وصل الأمر ببعضهم إلى فتح متاجر (سوبر ماركت) زبائنها الأساسيون هم اللاجئون، بالإضافة إلى استيراد مواد محددة يتم استيرادها خصوصا للاجئين، هي عبارة عن حصص غذائية محددة تكون الأكثر استهلاكا من اللاجئين. وبات السوريون «جزءا لا يتجزأ» من المجتمع اللبناني؛ فهم لم يعودوا مجرد عمالة موسمية، بل يحتاجون إلى خدمات واسعة. ورغم أن آلاف السيارات التي تحمل اللوحات السورية شكلت ضغطا على شبكة المواصلات البرية والطرقات في لبنان، فإن تلك السيارات تحتاج إلى المحروقات، وهو «ما ضاعف نسب استهلاك المحروقات بشكل قياسي». وولد اللجوء السوري طلبا إضافيا في السوق اللبنانية، على قطاعات السكن والمدارس، فضلا عن المنتجات الاستهلاكية المختلفة من الثياب إلى المواد الغذائية والأدوية والاحتياجات الطبية. ويختلف اللبنانيون على توصيف الأزمة، بينما تنظر الحكومة إلى الضغوط على الاقتصاد وحجم إنفاقها على الخدمات، في ظل الشح في الدعم الدولي. ويستبعد الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي قيام اقتصاد سوري من الإنتاج والبيع في لبنان. ويوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «النزوح السوري يحرك نوعا ما الاقتصاد اللبناني، لكن لا يمكننا الجزم بأنه يساعد الاقتصاد على النمو، من دون أن ننفي نسبة التحسن»، مشيرا إلى أنه «في مقابل الاستهلاك الذي تستفيد منه قطاعات محدودة، هناك كلفة كبيرة على الاقتصاد تتمثل بالأعباء التي فرضها وجود النازحين عليه». ووفق يشوعي، فإن الأموال التي تنفقها المنظمات الدولية على النازحين بشكل عيني على الاحتياجات، مثل الفرش والأغطية وغيرها، لا تفيد كثيرا الاقتصاد اللبناني، لأنهم لا يأتون بها من السوق اللبنانية، بل من الأسواق الخارجية. وكانت الحكومة اللبنانية اتخذت تدابير على معابرها الشرعية، بهدف الحد من تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان، لكنها تعمل على استثناء الحالات الإنسانية الخاصة.