قال معالي معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد بن عبداللـه المبارك أن المملكة انتهجت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله- سياسات تنموية توسعية حققت خلالها إنجازات ضخمة وشاملة لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، واستمراراً لهذا النهج اتخذ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- في الاسبوع الأول من توليه مقاليد الحكم سلسلة من القرارات التاريخية والمهمة التي جاء توقيتها تأكيداً على حرصه الشديد –أيده اللـه- على استمرار سياسة تعزيز التنمية والتطور في المملكة على مختلف المستويات، شملت إعادة تشكيل مجلس الوزراء، وهيكلة المجالس العليا بالدولة وضم مهامها في مجلسين رئيسيين هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. ورأى الدكتور المبارك أن الهدف من إنشاء المجلسين هو تعزيز فاعلية اتخاذ القرارات وتنسيق الجهود والمهام في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية،مشيرا إلى شمول القرارات دمج وزارتي التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في وزارة واحدة بغرض توحيد استراتيجيات التعليم وخططه بين مختلف مستوياته،وتخصيص مبالغ سخية لتلبية احتياجات المواطن ودعم القطاعات الخدمية. وأكد الدكتور المبارك أن هذه القرارات كان لها صدىً طيباً لدى المجتمع السعودي، وسيمثل بإذن اللـه بداية قوية لاستمرار التنمية الشاملة والمستدامة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله. وتطرق محافظ مؤسسة النقد إلى دور السياسات الاقتصادية التي ترسمها الدولة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة،مبينا أنه على الرغم من تنوع هذه السياسات، إلا أن أبرزها وأكثرها تأثيراً في الاقتصاد هي السياسة المالية والسياسة النقدية، إضافة إلى السياسة البترولية للمملكة. وأشار إلى أهمية التنسيق المستمر بين القائمين على السياستين النقدية والمالية وتوفر المرونة والأدوات الكافية فيهما للتعامل مع المستجدات وتقلبات الدورات الاقتصادية، خاصة أن اقتصاد المملكة يتأثر كثيراً بالتطورات في اسواق النفط العالمية،لافتا النظر إلى أنه بالنسبة للسياسة البترولية، فمن المعروف عن المملكة أنها تسعى دائماً لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية بما يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين في آن واحد ويخدم مصالح الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل. واستطرد معاليه قائلا: لقد اتخذت المملكة مجموعة واسعة من السياسات والقرارات والإجراءات الهادفة إلى إعادة هيكلة وتنظيم الاقتصاد، وتحديث الأنظمة والتشريعات بما يعزز رفع مستوى كفاءة وتنافسية الأداء ويدعم التشغيل الأمثل لعوامل الإنتاج، علاوة على توفير إطار تنظيمي وإداري متطور وبيئة جاذبة للاستثمار. وأفاد بأن السياسات الاقتصادية للمملكة ركزت على أربعة مجالات حيوية يأتي في مقدمتها تنمية وتطوير القوى البشرية الوطنية، وتحديث وصيانة مشاريع البنية التحتية، وإطفاء الدين العام، وبناء الاحتياطيات المالية للدولة بهدف مواجهة الدورات الاقتصادية والتطورات غير المواتية في الأسواق العالمية. وزاد قائلا: وتجاوباً مع هذا التوجه شهدت السياسة المالية توسعاً مستمراً وكبيراً في السنوات العشر الماضية، وتضاعف اجمالي المصروفات الفعلية الى أكثر من 3 أضعاف،مؤكدا أن ذلك كان أطول فترة انتعاش يشهدها الاقتصاد الوطني في تاريخه، حيث نما الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي بمتوسط سنوي نسبته 7.5%. وقال لقد سعت السياسة النقدية إلى اتخاذ عدة إجراءات احترازية للحد من أثر التوسع المالي على مستويات التضخم خلال عام 2007م ومعظم عام 2008م، إلا أنها اضطرت إلى اتباع سياسة نقدية توسعيه في الربع الأخير من عام 2008م للتعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، بهدف تحقيق الاستقرار المالي، ودعم النشاط الاقتصادي المحلي عبر تعزيز السيولة،مشيرا إلى انه بفضل اللـه تجاوز القطاع المالي تداعيات تلك الازمة، وبدأت معدلات التضخم في الانخفاض المستمر لتبلغ في عام 2014م نحو 2.7 %. وتناول الدور الحيوي للسياسة النقدية في الاستقرار المالي، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وقال :عملت مؤسسة النقد على إيجاد البنية الأساسية الملائمة الواجب توفرها لتطور واستقرار النظام المالي، من خلال استقرار قيمة العملة المحلية، ورفع كفاءة وملاءة النظام المصرفي والإشراف عليه وفقاً لأفضل المعايير والمبادئ الدولية. وأضاف قائلا أن مما يتسم به اقتصاد المملكة من ميزات هو الانفتاح على العالم الخارجي، وحرية تدفق رؤوس الأموال من وإلى المملكة،مبينا إن ترتيبات سعر صرف الريـال السعودي مرتبطة بالدولار بسعر ثابت منذ منتصف عام 1986م حتى وقتنا الحاضر، وارتكزت هذه الترتيبات على أسس اقتصادية مدروسة، ومن خلال تجربتنا الممتدة لأكثر من ربع قرن وبشهادة مؤسسات مالية دولية، فان استقرار سعر صرف الريـال مارس دوراً مهماً وحيوياً في استقرار التنمية الاقتصادية بالمملكة، وكان له أثر ايجابي كبير في تعزيز الثقة بالنظام المالي واستقرار الأسعار المحلية، مما نتج عنه تحقيق تحسن كبير في نشاط الأعمال وتشجيع لمزيد من الاستثمار المحلي والأجنبي في الاقتصاد الوطني. كما تطرق محافظ مؤسسة النقد إلى أبرز الانجازات الاقتصادية التي حققتها المملكة في العقد الماضي،حيث كان ضمن الاقتصادات الأكبر والأهم عالمياً التي تمثلها مجموعة العشرين، كما أنه الأكبر على مستوى المنطقة العربية، لافتا النظر إلى أن من أبرز ما تم تحقيقه تضاعف الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للقطاع الخاص بأكثر من الضعفين، وكذلك الصادرات غير النفطية بنحو ثلاثة أضعاف خلال نفس الفترة. وأرجع ذلك إلى الانفاق السخي للدولة على تطوير البنية التحتية للاقتصاد وتنمية الموارد البشرية، كما تراجعت نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي إلى حوالي 1.6 % في نهاية عام 2014م،موضحا أنه على الصعيد النقدي والمصرفي، تضاعفت السيولة المحلية بنحو ثلاثة أضعاف ونصف، كما زادت مطلوبات المصارف من القطاع الخاص بنحو أربعة أضعاف. وقال أنه نتيجة لهذه التطورات تحسن تقييم المملكة في التقارير العالمية مثل تقرير التنافسية وتقرير مزاولة الاعمال، كما رفعت مؤسسة فتش العالمية تصنيفها الائتماني للمملكة في عام 2014م من –AA إلى AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، وتحققت هذه الإنجازات على الرغم مما يعصف بمنطقة الشرق الأوسط من أزمات متنوعة لم تشهد لها مثيلاً في تاريخها الحديث. وأوضح معاليه أنه من ضمن البرامج التي قطعت الدولة فيها شوطاً كبيراً برنامج تخصيص بعض القطاعات والخدمات الحكومية من أجل زيادة رفع كفاءة الانتاج والقدرة التنافسية من خلال تحرير الأسواق، وتقديم وانتاج تلك الخدمات على أسس اقتصادية ،مبينا أن مؤسسة النقد واكبت التطورات المتعاقبة في القطاع المالي، ففي قطاع التأمين استمرت المؤسسة في توجيه هذا القطاع لمزيد من التنظيم والعمل وفق معايير وممارسات مهنية عالية، وفي مجال الرقابة والإشراف على قطاع التمويل العقاري وشركات التمويل، استعدت المؤسسة مبكراً للقيام بالمسئوليات المناطة بها بموجب أنظمة التمويل. رابط الخبر بصحيفة الوئام: مؤسسة النقد : اقتصاد المملكة تأثر كثيراً بالتطورات في اسواق النفط العالمية