حققت الدول الـ 14 الأعضاء في منظمة التجارة العالمية المشاركة في محادثات إبرام اتفاقية حول السلع البيئية، تقدماً ملموساً في الاتفاق على عدد من مواصفات هذه السلع التي يُمكن أن تشهد صفراً من الرسوم الجمركية، وقد حددت تلك الدول هدفا يتمثل في محاولة إنتاج قائمة موحدة للسلع البيئية بحلول نهاية نيسان (أبريل) المقبل يتم استخدامها كأساس لمفاوضات حقيقية. واختتمت الجولة الثانية من المحادثات في جنيف، الخميس الماضي بإعلان بعض الوفود تقدما كبيرا في تعيين ما هو مضمون الاتفاقية، وأساساً، ما هي أنواع المنتجات التي ستشملها، وبمعنى آخر فإنه تم الاتفاق بشأن عدد من الفئات التي ستُستخدم كأساس للتفاوض حول قائمة المنتجات النهائية، طبقاً لما قالته مصادر في منظمة التجارة لـ"الاقتصادية". وهو تقدم كبير قياساً إلى السياق البطيء للمفاوضات المتعلقة بالاتفاقيات الدولية التي تشتهر بها المنظمة، وعلاوة على ذلك، شهدت المحادثات نقاشاً حول اثنتين من هذه الفئات، وهي حول المنتجات ذات الصلة بتقليص وتخفيف تلوث الهواء، وإدارة النفايات الصلدة والخطرة. وتجري الجهود للظفر بالاتفاقية المزمعة التي تُسمى "اتفاقية السلع البيئية" وتعرف على نطاق أوسع بمسمى "اتفاقية السلع الخضراء"، بين 14 دولة عضو في منظمة التجارة اشتهرت بمجموعة الـ 14، على الرغم من توسع عدد المجموعة، التي تضم أكبر الدول المستوردة والمصدرة في العالم للمنتجات البيئية، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي الـ 28، والولايات المتحدة، والصين. وذكر البيان المشترك الذي أطلق هذه المبادرة في جنيف في تموز (يوليو) الماضي، أن التحديات العالمية التي نواجهها، بما في ذلك حماية البيئة وتغير المناخ، تحتاج إلى إجراءات عاجلة، وبناء عليه عقدت الجولة الأولى من المفاوضات بعد إطلاق هذه المبادرة مباشرة، حيث ركز المشاركون فيها على إطار وهيكل للمفاوضات. وبينما تهدف مجموعة الـ 14 إلى التوصل إلى اتفاق بشأن مجموعة واسعة النطاق من السلع الخضراء، أشار المشاركون إلى أن الاختيار سيستند أيضا إلى قدرة المنتج في التصدي لبعض التحديات البيئية، وعلى هذا النحو يجري الترشيح الممكن للمنتجات استناداً إلى فئات مختلفة من السلع البيئية، أو القطاعات. وعلمت "الاقتصادية" من زهاو شياومنج عضو الوفد التجاري الصيني، أن القائمة الحالية من الفئات التي سيعاد النظر فيها تتضمن السلع المتعلقة بكفاءة الطاقة والموارد؛ والسلع المفضلة بيئياً؛ والأجهزة المتعلقة بمعالجة التربة والمياه؛ وأجهزة خفض الضوضاء والاهتزاز؛ وحماية الموارد الطبيعية؛ والرصد البيئي والتحليل؛ ورفع مستوى معدات الطاقة المتجددة. وسيدعى المشاركون لطرح منتجات ذات صلة بكل فئة من هذه الفئات، إذ سيتم مناقشتها مِن قِبل الفريق ككل للبت فيما إذا تستحق إدراجها في المفاوضات أم لا. ومن المقرر أن تجري عدة جولات من المناقشات حتى أوائل العام المقبل، وهو موعد ترى الوفود المشاركة في المحادثات أنه سيتم خلاله الإنهاء من وضع المنتجات المحتمل تحريرها من الرسوم الجمركية، ويتوقع أن تبدأ المفاوضات الرسمية بشأن بنود التعريفة الجمركية والقائمة النهائية حالما تنتهي مناقشة كل قطاع من القطاعات. وفي محاولة لسد الفجوة بين المفاوضين التجاريين ومختصي البيئة، شارك في جولة المفاوضات الأخيرة مختصون من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ووكالة الطاقة الدولية، ومنظمة الجمارك العالمية، وممثلون عن قطاع الصناعات المعنية وقدموا آراءهم حول مختلف المنتجات البيئية ومكوناتها، واتجاهات السوق الأخيرة. وفي الوقت الذي أكد فيه المندوب الصيني أن جزءً كبيراً من القائمة النهائية للسلع البيئية ستبني على "قائمة الـ 54" للسلع البيئية التي اتفقت عليها الدول الأعضاء في منتدى آسيا ـ المحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي "أبيك" في أواخر عام 2012، إلا أنه رفض التكهن بمستوى التعريفات التي ستطبق على هذه المنتجات قائلاً إن هذا هو جوهر المفاوضات. وفي الوقت الذي أعلنت فيه "أبيك" عن خطط لتخفيض التعريفات المطبقة على قائمة السلع الخضراء الـ 54، بما في ذلك توربينات الرياح والألواح الشمسية، إلى 5 في المائة أو أقل بحلول عام 2015، إلا أن مصادر المنظمة تقول أنه إذا كان الهدف هو الوصول إلى تجارة حرة عالمية في السلع البيئية، فمن دون شك أن المفاوضات ستتوخى تقليص التعريفات إلى الصفر، على النقيض من صيغة "أبيك". وطرحت كل من الولايات المتحدة، وأستراليا، ونيوزيلندا، واليابان، وكندا، والدول الأعضاء في "أبيك" قوائم أولية حول السلع المتعلقة بتلوث الهواء، ومنتجات إدارة النفايات الصلبة، والخطرة التي تحبذ إدراجها في اتفاقية السلع البيئية في نهاية المطاف. وكان على كل مندوب طرح منتجه المرشح للدخول في القائمة، وأن يقول أنه موجود أو ذا صلة بمنتج موجود على قائمة "أبيك"، أو أنه منتج جديد غير موجود في القائمة، ومقارنة ذلك مع توصيف منظمة الجمارك العالمية للمنتج، تمشيا مع ما تم الاتفاق عليه في مفاوضات الجولة الأولى. وعند إطلاق مبادرة "السلع البيئية"، في تموز (يوليو) الماضي، شدد الفريق على أنها لا تزال مفتوحة أمام الشركاء التجاريين الآخرين، ومن الدول التي أبدت اهتماما بالانضمام للمحادثات، تركيا، وبيرو، وشيلي. ومن المتوقع أن يتم التفاوض بشأن هذه الاتفاقية على نمط ميثاق الدول الأولى بالرعاية لكنها ستشمل في نهاية المطاف كافة الدول الأعضاء في منظمة التجارة حالما يصل تصديق الدول على الاتفاقية إلى "الكتلة الحرجة" أي ثلثي الدول الأعضاء. ويتوقع المطلعون على عمل منظمة التجارة أن تجري المفاوضات على "اتفاقية السلع البيئية" على نمط تلك التي تشهدها "اتفاقية تقنية المعلومات" التي تهدف إلى إلغاء التعريفات الجمركية على منتجات تقنية المعلومات والاتصالات. وتسعى كل دولة إلى إدراج ما تنتجه هي نفسها من منتجات تقنية المعلومات والاتصالات على القائمة المحررة من الرسوم الجمركية، مع محاولة إدخال منتجات شبيهة على القائمة على أنها منتجات بيئية، مثلما حاولت بعض الدول إدراج جهاز الاستنساخ، أو الطابعة المتصلة بالحاسوب، وغيرها على أنها من أجهزة تقنية المعلومات والاتصالات.